هذا باب الإبدال
  فأصله بالعواوير؛ لأنّه جمع عوّار وهو الرّمد، فهو مفاعيل، كطواويس، لا مفاعل؛ فلذلك صحّح، وعكسه قول الآخر:
  فيها عيائيل أسود ونمر(١) [٥٤٨]
  فأبدل الهمزة من ياء مفاعيل؛ لأنّ أصله مفاعل، لأنّ عيائيل جمع عيّل - بكسر
= لانكسار ما قبلها، ولكنه اضطر إلى حذف هذه الياء التي انقلبت عن الألف اجتزاء بكسر ما قبلها.
المعنى: وصف ما فعل به الدهر، حين كبرت سنه وضعف جسمه وانحنت عظامه وفرغ فمه من أسنانه، وأصابت عينه الأقذاء.
الإعراب: «وكحل» الواو حرف عطف، كحل: فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الدهر «العينين» مفعول به منصوب بالياء نيابة عن الفتحة لأنه مثنى «بالعواور» جار ومجرور متعلق بقوله كحل.
الشاهد فيه: قوله «بالعواور» فإن هذه الكلمة جمع عوار، بزنة زمان، وهو اسم على خمسة أحرف رابعها ألف كقرطاس وقرناس وقنطار، ومن حق جمع الاسم الذي على هذه الحال أن تقلب ألفه في الجمع ياء لانكسار ما قبلها حينئذ فيقال «عواوير» كما قالوا: قراطيس وقرانيس وقناطير، إلا أن الراجز لما اضطرته أحكام القافية حذف هذه الياء من الجمع اجتزاء بكسر ما قبلها، وهو مع حذفها، يعتد بها ويعتبرها كالموجودة، ولو أنه لم يعتد بها ولم يقدرها موجودة لكان عليه أن يقلب أولى الواوين همزة فيقول «عوائر» كما قالوا في جمع أول «أوائل» وأصله أواول، وهذا حكم كل حرفي لين وقعت بينهما ألف مفاعل، فلما رأيناه لم يقلب ثاني الواوين همزة علمنا أنه أبقى للياء التي حذفها حكمها واعتبرها كالباقية في اللفظ؛ فالكلمة بهذا الاعتبار على زنة مفاعيل لا على زنة مفاعل التي يتعين فيها القلب.
(١) هذا الشاهد من كلام حكيم بن معية الربعي، وقد تقدم ذكره، وهو الشاهد رقم (٥٤٨) فارجع إليه في باب جمع التكسير، والذي أنشده المؤلف بيت من الرجز المشطور، وقبله قوله:
أحمي قناة صلبة لم تنكسر ... صمّاء تمّت في نياف مشمخر
حفّت بأطواد جبال وسمر ... في أشب الغيطان ملتفّ الحظر