أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الموصول

صفحة 151 - الجزء 1

  يحذف في نحو: «جاء اللّذان قاما» أو «ضربا» لأنه غير مبتدأ، ولا في نحو: «جاء الذي هو يقوم» أو «هو في الدار» لأن الخبر غير مفرد؛ فإذا حذف الضمير لم يدلّ دليل على حذفه، إذ الباقي بعد الحذف صالح لأن يكون صلة كاملة، بخلاف الخبر المفرد، نحو: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ}⁣(⁣١)، ونحو: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ}⁣(⁣٢)، أي: هو إله في السماء، أي: معبود فيها، ولا يكثر الحذف في صلة غير «أيّ» إلا إن طالت⁣(⁣٣)


= الموصول أيّا أم غيره، وسواء أطالت الصلة أم لم تطل. وذهب البصريون إلى جواز حذف هذا العائد إذا كان الموصول أيّا مطلقا، فإن كان غير أي أجازوه بشرط طول الصلة، فالخلاف بين الفريقين منحصر فيما إذا لم تطل الصلة وكان الموصول غير أي:

فأما الكوفيون فاستدلوا بالسماع؛ فمن ذلك قراءة يحيى بن يعمر: {تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} قالوا: التقدير على الذي هو أحسن، ومن ذلك قراءة مالك بن دينار وابن السماك: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها} قالوا: التقدير مثلا الذي هو بعوضة فما فوقها. ومن ذلك قول الشاعر:

لا تنو إلّا الّذي خير فما شقيت ... إلّا نفوس الألى للشّرّ ناوونا

قالوا: التقدير: لا تنو إلّا الذي هو خير. ومن ذلك قول الآخر:

من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه ... ولا يحد عن سبيل المجد والكرم

قالوا: تقدير هذا البيت من يعن بالحمد لم ينطق بالذي هو سفه. ومن ذلك قول عديّ بن زيد العبادي:

لم أر مثل الفتيان في غبن ال ... أيّام يدرون ما عواقبها

قالوا: ما موصولة، والتقدير: يدرون الذي هو عواقبها.

وبعض هذه الشواهد يحتمل وجوها من الإعراب غير الذي ذكروه، فمن ذلك «ما» في الآية الثانية يجوز أن تكون زائدة، وبعوضة خبر مبتدأ محذوف. ومن ذلك أن «ما» في بيت عدي بن زيد يحتمل أن تكون استفهامية، وما بعدها خبرها والجملة في محل نصب مفعول ليدرون، وقد علق عنها لأنها مصدرة بالاستفهام، وكلها عند البصريين شاذ.

(١) سورة مريم، الآية: ٦٩.

(٢) سورة الزخرف، الآية: ٨٤.

(٣) أنت تعلم أن «أي» الموصولة ملازمة للإضافة إما لفظا نحو «أيهم أشد» وإما تقديرا نحو «أي أشد» فلما كان لا بد لها من المضاف إليه إما في اللفظ وإما في التقدير جعلوا ذلك =