هذا باب الموصول
  [٥٨] -
  ما المستفزّ الهوى محمود عاقبة
= لأن العامل في العائد هو إن، ففات فيه شرط كون العامل فيه فعلا أو وصفا، وأما المثال الثالث فلم يجز حذف العائد فيه لمثل السبب الذي ذكرناه في المثال الثاني، وإنما جاء بمثالين للعائد المعمول لحرف، لأن الحرف العامل إما أن يغير معنى الجملة مثل كأن وإما ألا يغيرها مثل إن، وأما المثال الرابع فلم يجز حذف العائد فيه لكون العامل فيه وصفا واقعا صلة لأل.
[٥٨] - هذا صدر بيت من البسيط، وعجزه قوله:
ولو أتيح له صفو بلا كدر
وهذا البيت من الشواهد التي لم يتيسر لنا الوقوف على نسبتها إلى قائل معين، ولا عثرنا له على سوابق أو لواحق تتصل به.
اللغة: «المستفز» اسم فاعل فعله استفز، وتقول: استفز فلان فلانا، ومعناه أزعجه واستخفه وأفزعه «الهوى» صبوة النفس وميلها نحو ما تشتهي «أتيح» هيئ وقدر.
المعنى: ليس الذي يستخفه الهوى وتزعجه صبوة النفس ويعبث بقلبه الميل إلى الشهوات محمود العواقب، وإن كنت تراه في عيش صاف لا تكدره المحن فإنما هو صفو غير مأمون.
الإعراب: «ما» حرف نفي «المستفز» مبتدأ، أو اسم ما إن قدرت حجازية «الهوى» فاعل بالمستفز، مرفوع بضمة مقدرة على الألف «محمود» يجوز فيه الرفع على أنه خبر المبتدأ إن قدرت ما تميمية مهملة، ويجوز فيه النصب على أنه خبر ما بتقديرها حجازية عاملة، ومحمود مضاف و «عاقبة» مضاف إليه «ولو» الواو عاطفة على محذوف، لو:
حرف شرط غير جازم «أتيح» فعل ماض مبني للمجهول «له» جار ومجرور متعلق بأتيح «صفو» نائب فاعل أتيح «بلا» الباء حرف جر، ولا: اسم بمعنى غير ظهر إعرابه على ما بعده بطريق العارية، وهو مضاف و «كدر» مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة العارية، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لصفو.
الشاهد فيه: قوله «ما المستفز» حيث حذف العائد من الصلة على الموصول، مع كون الموصول هو «أل» والصلة صفة متصلة به، وأصل الكلام: ما المستفزه الهوى محمود عاقبة، والحذف في هذا ونحوه شاذ، وفي عبارة التسهيل ما يفيد أن حذف العائد المنصوب بصلة «أل» قليل لا شاذ، وهو خلاف ما درج عليه جمهرة النحاة من المتقدمين عليه والمتأخرين عنه.