هذا باب الموصول
  وحذف منصوب الفعل كثير، ومنصوب الوصف قليل(١).
  ويجوز حذف المجرور بالإضافة إن كان المضاف وصفا غير ماض، نحو:
  {فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ}(٢)، بخلاف «جاء الذي قام أبوه» و «أنا أمس ضاربه».
  والمجرور بالحرف(٣) إن كان الموصول أو الموصوف بالموصول مجرورا
(١) إنما كان حذف العائد المنصوب بفعل كثيرا لأن الأصل في العمل للفعل، فهم من أجل ذلك يتصرفون في معموله كثيرا: بالحذف تارة، وبالتقديم تارة، وبالفصل بين الفعل ومعموله تارة، ولما كان حذف العائد المعمول لوصف فرعا في العمل، ومن شأن الفرع أن يكون ضعيفا، فلا يتصرف في معموله، ومن التصرف في المعمول الحذف كما أنبأتك، ومن أجل هذا كان حذف العائد المنصوب بالوصف قليلا جدا، حتى قال أبو علي الفارسي: إنه لا يكاد يسمع من العرب، وقال ابن السراج: إنهم أجازوه على قبح، وقال المبرد: هو رديء جدا، وتأمل في كلامهم هذا مع قول ابن مالك «والحذف عندهم كثير منجلي في عائد متصل إن انتصب بفعل أو وصف» فإن هذا الكلام يتضمن التسوية بين الفعل والوصف في حذف العائد المنصوب بهما، ومع أن المنصوب فضلة، والأصل في الفضلة أنه لا يلزم ذكره بل يجوز الاستغناء عنه في سعة الكلام، وكيف ساغ لهم أن يحكموا بقبح حذف المنصوب بالوصف أو برداءته أو بأنه لا يكاد يسمع من العرب مع أنه يجوز اعتبار الوصف مضافا والضمير المحذوف مضافا إليه، كما في الآية الكريمة التي تلاها المؤلف، وهم لا يقولون في ذلك شيئا مما قالوه على تقديره منصوبا.
(٢) سورة طه، لآية: ٧٢. والتقدير: فاقض الذي أنت قاضيه، ويجوز أن تكون «ما» موصولا حرفيا يسبك ما بعده بمصدر، والتقدير: فاقض قضاءك.
(٣) ههنا أمران أحب أن أنبهك إليهما، الأمر الأول: أن هذه الطريقة التي سلكها المؤلف تبعا لابن مالك غير الطريقة التي سلكها من قبلهما من النحاة، وسار عليها الرضي، وحاصل تلك الطريقة أنهم أجازوا حذف العائد المجرور بحرف جر إذا كان العامل في ذلك الجار والمجرور يتعين معه حرف لئلا يلتبس بعد الحذف الحرف المحذوف بغيره، وقد مثلوا لذلك بقوله تعالى: {أَ نَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا} أي تأمرنا به أي بإكرامه، وقوله سبحانه: {فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ} أي به، وقول الشاعر:
فقلت لها: لا والّذي حجّ حاتم ... أخونك عهدا إنّني غير خوّان
=