هذا باب المبتدأ والخبر
  اسم بلفظه ومعناه، نحو: {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ}(١)، أو على اسم أعمّ منه، نحو: «زيد نعم الرّجل» وقوله:
  [٦٨] -
  فأمّا الصّبر عنها فلا صبرا
= رفع مبتدأ فلا نسلم أن خبره جملة «إنا لا نضيع أجر المصلحين» بل الخبر محذوف، وهذا الكلام مسوق للتعليل، والتقدير: والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة مأجورون لأنا لا نضيع أجر المصلحين، ولئن سلمنا الابتداء وأن الخبر هو هذه الجملة فلا نسلم أن الرابط هو ما ذكر الأخفش من إعادة المبتدأ بمعناه، بل الرابط أحد شيئين:
الأول ضمير محذوف، والتقدير: إنا لا نضيع أجر المصلحين منهم، وحذف الرابط المجرور بمن لا نزاع في جوازه، والثاني العموم، وذلك لأن المصلحين أعم من الذين يمسكون بالكتاب، كما سيذكره المؤلف بعد هذا في «زيد نعم الرجل» وفي بيت الرماح بن أبرد، فاحفظ هذا الكلام واحرص عليه واللّه يوفقك.
(١) سورة الحاقة، الآية: ١.
[٦٨] - هذه قطعة من بيت من الطويل، وهو بكماله:
ألا ليت شعري هل إلى أمّ جحدر ... سبيل؟ فأمّا الصّبر عنها فلا صبرا
وهذا البيت من كلام ابن ميادة، واسمه الرماح بن أبرد، وميادة أمه، وهو من شواهد شيخ النحاة سيبويه (١/ ١٩٣)، وانظر البيت رابع أربعة أبيات منسوبة لابن ميادة واردة في زهر الآداب ٧١٧ بتحقيقنا.
اللغة: «ليت شعري» معنى هذه العبارة ليتني أعلم، والشعر هو العلم، وجمهرة العلماء على أن خبر ليت في هذا التعبير محذوف وجوبا للتعويض بالاستفهام عنه، ولهذا لا تراه إلّا حيث ترى الاستفهام بعده. وتقدير الكلام عندهم: ليت علمي حاصل، وذهب ابن الحاجب إلى أن الاستفهام الذي يليه هو الخبر. وليس بسديد «أم جحدر» كنية امرأة «سبيل» طريق.
المعنى: يسأل عما إذا كان من الممكن أن يصل إلى معرفة سبيل يصل منها إلى رؤية أم جحدر، لأن الشوق إليها قد غلبه على نفسه، ثم بين أنه لا صبر له على بعادها ولا قدرة له على احتمال نأيها.
الإعراب: «ألا» حرف استفتاح «ليت» حرف تمن ونصب «شعري» شعر: اسم ليت منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وشعر مضاف وياء المتكلم مضاف إليه مبني على السكون في محل جر، وخبر ليت محذوف، والتقدير: ليت شعري حاصل =