هذا باب المبتدأ والخبر
  فصل: ويقع الخبر ظرفا(١)؛ نحو: {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}(٢)، ومجرورا
= «هل» حرف استفهام «إلى» حرف جر «أم» مجرور بإلى، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، وأم مضاف و «جحدر» مضاف إليه «سبيل» مبتدأ مؤخر «فأما» حرف شرط وتفصيل «الصبر» مبتدأ «عنها» الجار والمجرور متعلق بالصبر «فلا» الفاء واقعة في جواب أما، ولا: نافية للجنس «صبرا» اسم لا مبني على الفتح في محل نصب، وخبر لا محذوف، والتقدير: فلا صبر لي، والجملة من لا واسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ الواقع بعد أما.
الشاهد فيه: قوله: «أما الصبر فلا صبر» وبهذه العبارة يستشهد النحاة على شيئين:
أولهما: أن المبتدأ الواقع بعد أما يجب أن تقع الفاء الزائدة في خبره؛ فإن جاء الخبر غير مقترن بالفاء كما في قول الشاعر:
فأمّا الصّدور لا صدور لجعفر ... ولكنّ أعجازا شديدا صريرها
كان ذلك شذوذا لا يقاس عليه.
وثانيهما: أن الرابط بين جملة الخبر والمبتدأ قد يكون عموم الخبر بحيث يصدق على المبتدأ وغيره، وبيان ذلك ههنا أن جملة «لا صبر لي» في محل رفع خبر عن «الصبر» والرابط بينهما هو العموم في اسم لا، لأن النكرة الواقعة بعد النفي تفيد العموم، فقد نفى بجملة «لا» الصبر بجميع أنواعه، والصبر عنها الواقع مبتدأ بعض أنواع الصبر قال ابن جني: «الصبر عنها بعض الصبر لا جميعه، وقوله لا صبر نفي للجنس أجمع، فدخل الصبر عنها - وهو البعض - في جملة ما نفى من الجنس» اه.
(١) متعلق الظرف والجار والمجرور إما أن يكون عاما وإما أن يكون خاصا، فإن كان المتعلق خاصا فإما أن تدل عليه قرينة وإما ألا تدل عليه قرينة، فإن كان المتعلق عاما سمي الظرف مستقرا، ووجب حذف هذا المتعلق، وسمي كل من الظرف والجار والمجرور خبرا، وإن كان المتعلق خاصا سمي الظرف لغوا، وكان المتعلق هو الخبر، ثم إن لم تدل قرينة على هذا المتعلق الخاص لم يجز حذفه نحو قولك «زيد مسافر اليوم، وعلي حاضر غدا» وإن دلت عليه قرينة نحو أن يقول لك قائل: متى يسافر أخواك؟ فتقول: محمد اليوم، وعلي غدا، فإن سامع هذين الكلامين يفهم أن المراد محمد مسافر اليوم وعليّ مسافر غدا، وحينئذ يجوز حذف المتعلق، ومن تقرير المسألة على هذا الوجه تفهم أن الظرف والجار والمجرور لا يقال إنهما خبر إلّا أن يكون متعلقهما عاما وأن هذا المتعلق العام واجب الحذف.
(٢) سورة الأنفال، الآية: ٤٢.