هذا باب المبتدأ والخبر
  ويخبر بالزمان عن أسماء المعاني(١) نحو: «الصّوم اليوم» و «السّفر غدا» لا
= اسم إن، وياء المتكلم مضاف إليه «عندك» عند: ظرف متعلق بمحذوف خبر إن، وهو مضاف وضمير المخاطبة مضاف إليه، وجملة إن واسمها وخبرها في محل جزم جواب إن الشرطية «الدهر» ظرف زمان متعلق بذلك الخبر المحذوف «أجمع» توكيد للضمير المستكن في الظرف.
الشاهد فيه: قوله: «أجمع» فإنه مرفوع، بدليل أن أبيات القصيدة كلها مرفوعة كما رأيت في المطلع الذي رويناه لك، وهو من ألفاظ التوكيد، ولا يصلح لأن يكون توكيدا لفؤادي ولا لعند ولا للدهر لأن كل واحد منها منصوب، والمرفوع لا يكون توكيدا للمنصوب، ولا يصلح أن يكون توكيدا لمحذوف، لأن التوكيد ينافي الحذف، فلم يبق إلّا أن يكون توكيدا لضمير مستكن في الظرف الواقع متعلقه خبرا؛ لأن هذا الضمير مرفوع على الفاعلية، فدل ذلك على أن الضمير الذي كان مستكنا في المتعلق الواقع خبرا قد انتقل من هذا المتعلق إلى الظرف فاستكن فيه، وهذا هو الذي جيء بالبيت للاستدلال عليه.
(١) اسم الذات هو ما يدل على عين لا تتجدد كذوات الآدميين، وهذه معلومة الوجود في سائر الأزمنة، وليس من شأنها أن يجهل وجودها في شيء من الأزمنة الخاصة، كما أنه ليس من شأنها أن يسأل أحد عن وجودها في زمن خاص، ولا أن يقصد أحد إلى إفادة غيره أو الاستفادة من غيره ذلك من شأنها وأنت تعلم أن الكلام إنما يقصد به إفادة المتكلم للسامع ما لم يكن ليعلمه لولا هذا الكلام، فكل ما لا يفيد السامع ما لم يكن يعلمه لا يسمى كلاما، ومن هنا قالوا إن قول القائل: «السماء فوقنا، والأرض تحتنا» لا يسمى كلاما لأنه لم يفد السامع شيئا كان يجهله، وشأن اسم الذات مع الأزمنة كشأن هاتين العبارتين غالبا، وتأمل في قولك «زيد اليوم» هل تجده أفاد جديدا؟ فلما كان أمر الزمان مع اسم الذات على هذا الوجه غالبا لم يصح الإخبار بالزمان عن الذات إلّا إن أفاد فائدة على الوجه المشروط في اعتبار الكلام كلاما، وقد جعلوا للإفادة ضابطة ذكرها المؤلف، أما اسم المعنى فلأنه عبارة عن حركات وأفعال، وهذه أشياء تعلم بالبداهة أنها غير مستمرة الوجود، بل قد تحدث وقد لا تحدث، وإنما تحدث في زمان دون زمان، ومن أجل هذا كان الإخبار عن وجودها في زمان ما مفيدا، وتأمل في قولك «السفر غدا» وفي قولك «ظهور الحق الآن» ثم تذكر قولك «محمد الآن» أو «علي غدا» فإنك تجد الفرق واضحا، وتعلم السر في أنهم شرطوا في الإخبار بالزمان عن الذات =