هذا باب المبتدأ والخبر
  التقدير: أمري حنان وأمري سمع وطاعة.
  أو بمخصوص بمعنى نعم أو بئس مؤخر عنها، نحو: «نعم الرّجل زيد» و «بئس الرّجل عمرو» إذا قدّرا خبرين، فإن كان مقدما نحو: «زيد نعم الرجل» فمبتدأ لا غير، ومن ذلك قولهم «من أنت زيد؟» أي: مذكورك زيد، وهذا أولى من تقدير سيبويه: كلامك زيد.
  وقولهم: «في ذمّتي لأفعلنّ»، أي: في ذمتي ميثاق أو عهد(١).
= أمرنا حنان، ونحو ذلك مما يقوم به المعنى. وأصل هذا المصدر ونحوه أن يقع منصوبا بفعل محذوف وجوبا؛ لأنه من المصادر التي جيء بها بدلا من اللفظ بأفعالها: ولكنهم ربما قصدوا الدلالة على الثبوت والدوام، فرفعوا هذه المصادر أحيانا وجعلوها أخبارا عن مبتدآت محذوفات وجوبا، وإنما جعلوا المبتدءات العاملة في هذه الأخبار محذوفة على سبيل الوجوب حملا لحالة الرفع على حالة النصب: أي كما أنها في حالة النصب منصوبة بعامل محذوف وجوبا تكون في حال الرفع مرفوعة بعامل محذوف وجوبا.
(١) بقي عليه بعض المواضع التي يحذف فيها المبتدأ وجوبا، ومن ذلك - في بعض الوجوه - بعد «لا سيما» إذا رفع الاسم الواقع بعده، نحو «لا سيما زيد» فإن التقدير:
لا سيّ الذي هو زيد، ففيه حذف المبتدأ وجوبا، إذ لم يجر الاستعمال بذكره، وفيه حذف صدر صلة الموصول التي لم تطل مع كون الموصول غير أي، ولتحقيق هذا الموضع تحقيقا وافيا نقول:
الاسم الواقع بعد «لا سيما» إما معرفة، كأن يقال لك: أكرم العلماء لا سيما الصالح منهم، وإما نكرة، كما في قول امرئ القيس:
ألا ربّ يوم صالح لك منهما ... ولا سيّما يوم بدارة جلجل
فإن كان الاسم الواقع بعدها نكرة جاز فيه ثلاثة أوجه: الجر، وهو أعلاها، والرفع وهو أقل من الجر، والنصب، وهو أقل الأوجه الثلاثة، فأما الجر فتخريجه على أحد وجهين أولهما: أن «لا» نافية للجنس، و «سي» اسمها منصوب بالفتحة الظاهرة و «ما» زائدة، و «يوم» مضاف إليه، وخبر لا محذوف، والتقدير ولا مثل يوم بدارة جلجل موجود، وثانيهما: أن تكون «سي» مضافا و «ما» نكرة غير موصوفة مضاف إليه مبني على السكون في محل جر، و «يوم» بدل من ما، وأما الرفع فتخريجه على أحد وجهين، أحدهما: أن تكون «لا» نافية للجنس أيضا، و «سي» اسمها و «ما» نكرة =