أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المبتدأ والخبر

صفحة 201 - الجزء 1


= كما يجوز حذفه إذا كان كونا خاصا وقد دل الدليل عليه، كما ذكره المؤلف العلامة، والجمهور على أن الحذف واجب، وأن خبر المبتدأ الواقع بعد «لولا» لا يكون إلّا كونا عاما، وحينئذ لا يقال إما أن يدل عليه دليل أو لا، وعندهم أن بيت المعري هذا لحن لذكر الخبر بعد لولا.

وفي البيت توجيه يصح به البيت على مذهب الجمهور، وهو أن يكون «يمسك» في تأويل مصدر بدل اشتمال من الغمد، وأصله «أن يمسكه» فلما حذف «أن» ارتفع الفعل كقولهم «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» فيمن رواه برفع «تسمع» من غير «أن».

وحاصل القول في هذه المسألة أن النحاة اختلفوا في: هل يكون خبر المبتدأ الواقع بعد لولا كونا خاصا! فقال الجمهور: لا يكون كونا خاصا البتة، بل يجب كونه كونا عاما، ويجب مع ذلك حذفه، فإن جاء الخبر كونا خاصا في كلام ما فهو لحن أو مؤول وقال غيرهم: بل يجوز أن يكون الخبر بعد لولا كونا خاصا، لكن الأكثر أن يكون كونا عاما، فإن كان الخبر كونا عاما وجب حذفه كما يقول الجمهور، وإن كان الخبر كونا خاصا، فإن لم يدل عليه دليل وجب ذكره. وإن دل عليه دليل جاز ذكره وحذفه، فلخبر المبتدأ الواقع بعد لولا حال واحدة عند الجمهور، وهي وجوب الحذف، وثلاثة أحوال عند غيرهم وهي وجوب الحذف، وذلك إن كان كونا عاما، ووجوب الذكر، وذلك فيما إذا كان كونا خاصا ولا دليل عليه إن حذف، وجواز الأمرين، وذلك فيما إذا كان كونا خاصا وله دليل عليه إن حذف.

ومن مجيء خبر المبتدأ الواقع بعد لولا كونا خاصا مذكورا ما رواه البخاري في باب الصائم يصبح جنبا من كتاب الصوم من قول عبد الرحمن بن الحارث لأبي هريرة:

«إني ذاكر لك أمرا، ولولا مروان أقسم عليّ فيه لم أذكره لك» ومنه قول الشاعر، أنشده ابن مالك:

لولا زهير جفاني كنت منتصرا ... ولم أكن جانحا للسّلم إن جنحوا

ومثله قول الآخر، وأنشده ابن مالك أيضا:

لولا ابن أوس نأى ما ضيم صاحبه ... يوما، ولا نابه وهن ولا حذر

ومثله قول أفلح بن يسار السندي:

لولا أبوك ولولا قبله عمر ... ألقت إليك معدّ بالمقاليد

ومثله قول الزبير بن العوام في أسماء بنت أبي بكر:

فلولا بنوها حولها لخبطتها ... كخبطة عصفور ولم أتلعثم