هذا باب المبتدأ والخبر
  وقال الجمهور: لا يذكر الخبر بعد «لولا»، وأوجبوا جعل الكون الخاص مبتدأ، فيقال: لولا مسالمة زيد إيانا، أي: موجودة، ولحّنوا المعري، وقالوا:
  الحديث مرويّ بالمعنى(١).
  الثانية: أن يكون المبتدأ صريحا في القسم(٢)، نحو: «لعمرك لأفعلنّ» و «أيمن اللّه لأفعلنّ» أي: لعمرك قسمي، وأيمن اللّه يميني، فإن قلت: «عهد اللّه لأفعلنّ» جاز إثبات الخبر، لعدم الصراحة في القسم، وزعم ابن عصفور أنه يجوز في نحو: «لعمرك لأفعلنّ» أن يقدر لقسمي عمرك؛ فيكون من حذف المبتدأ(٣).
(١) قال ابن أبي الربيع في رواية الحديث على الوجه الذي يذكره النحاة في هذه المسألة:
«لم أر هذه الرواية بهذا اللفظ من طريق صحيح، والروايات المشهورة في ذلك «لولا حدثان قومك» «لولا حداثة قومك» «لولا أن قومك حديثة عهد بجاهلية» ا. ه. وكل هذه الروايات يجري على مذهب الجمهور، فقد جعل الكون الخاص مبتدأ وحذف خبره وهو كون عام، أي لولا حدثان قومك بكفر موجود.
(٢) المراد بكون المبتدأ صريحا في القسم أحد وجهين: أن لا يستعمل في غير القسم أصلا، أو أن يغلب استعماله في القسم حتى يصير بحيث لا يستعمل في غير القسم إلا مع قرينة، ويفهم منه قبل ذكر المقسم عليه، ومقابل هذا ما يكثر استعماله في غير القسم حتى لا يفهم منه القسم إلّا بعد ذكر المقسم عليه، ألا ترى أن «عهد اللّه» قد كثر استعماله في غير القسم نحو قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ} قولك: عهد اللّه يجب الوفاء به، ثم إنه يفهم منه القسم إذا قلت «عهد اللّه لأفعلن كذا» لأنك في هذا المثال قد ذكرت المقسم عليه.
(٣) ههنا أصلان يترتب عليهما الحكم بأن ما ذهب إليه الجمهور أولى أو ما ذهب إليه ابن عصفور، الأصل الأول: إذا دار الحذف بين أن يكون من الأوائل وصدور الكلام وبين أن يكون من الأواخر وأعجاز الكلام، فأيهما أولى بالرعاية؟ والعلماء يرون أن الأولى جعل الحذف من الأواخر والأعجاز لأنها محال التغيير غالبا، والأصل الثاني: إذا دار الأمر بين أن يكون الحذف من باب حذف محط الفائدة أو من غيره فأيهما أولى بالاعتبار؟ والعلماء يقررون أن الأولى تقدير أن الباقي هو محط الفائدة فإذا راعيت الأصل الأول اعتبرت رأي الجمهور أحق وأولى بالرعاية لأن تقدير حذف الخبر من باب الحذف من الأعجاز والأواخر، وإذا راعيت الأصل الثاني اعتبرت رأي ابن =