أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر

صفحة 214 - الجزء 1

  وقيّدت زال بماضي يزال احترازا من زال ماضي يزيل، فإنه فعل تام متعدّ إلى مفعول، ومعناه ماز، تقول: «زل ضأنك عن معزك» ومصدره الزّيل، ومن ماضي يزول، فإنه فعل تام قاصر، ومعناه الانتقال، ومنه: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا}⁣(⁣١)، ومصدره الزّوال.

  الثالث: ما يعمل بشرط تقدم «ما» المصدرية الظرفية، وهو دام⁣(⁣٢)، نحو: {ما دُمْتُ حَيًّا}⁣(⁣٣)، أي: مدّة دوامي حيّا⁣(⁣٤)، وسميت «ما» هذه مصدرية لأنها تقدّر


= أراد: يا هند بني بكر اسلمي. ومثله قول الآخر:

ألا يا اسلمي ذات الدّماليج والعقد ... وذات الثّنايا الغرّ والفاحم الجعد

أراد: ألا يا ذات الدماليج اسلمي ذات الدماليج - الخ، ومثل ذلك في كلامهم كثير جدا.

والشاهد الثاني في قوله: «ولا أزال - الخ» حيث أجري «زال» مجرى «كان» في رفعها الاسم ونصبها الخبر، لتقدم «لا» الدعائية عليها، والدعاء شبه النفي، لأن دعاءك بحصول الشيء دليل على أنه غير حاصل في وقت الدعاء، وهذا معنى النفي، هذا ما ظهر لي، وأرجو أن يكون صوابا.

(١) سورة فاطر، الآية: ٤١.

(٢) قد وردت «دام» غير مسبوقة بما وبعدها اسمان أولهما مرفوع وثانيهما منصوب، وذلك في قول الشاعر:

دمت الحميد، فما تنفكّ منتصرا ... على العدى في سبيل المجد والكرم

وهذا البيت يحتاج إلى نظر، لأنك لو قدرت «دام» تامة غير محتاجة إلى تقدم «ما» عليها، وجعلت ضمير المخاطب فاعلا و «الحميد» حالا ورد عليك أن «الحميد» معرفة بالألف واللام، والحال لا يكون إلّا نكرة في المذهب البصري المنصور، وإن جعلت «دام» ناقصة ورد عليك أنه لم تتقدمها «ما» وهو شرط في عملها في الاسم والخبر، وإذا كان لا مناص من ارتكاب أحد الأمرين فإننا نختار أن تكون «دام» في هذا البيت تامة، وندعي أن «أل» في قوله: «الحميد» ليست معرفة، وإنما هي زائدة.

(٣) سورة مريم، الآية: ٣١.

(٤) التعبير بمدة إشارة إلى دلالة «ما» على الظرفية، والتعبير بدوام إشارة إلى دلالتها على المصدرية، ولو كانت «ما» مصدرية غير ظرفية، أو لم تكن مذكورة في الكلام لم =