أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: تقديم أخبارهن]

صفحة 221 - الجزء 1

  قاسوها على عسى، واحتجّ المجيز بنحو قوله تعالى: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ}⁣(⁣١)، وأجيب بأن المعمول ظرف فيتّسع فيه، وإذا نفي الفعل بما جاز توسّط


= التسهيل، وعلله بما ذكرنا، وقد سبقه إلى ذلك أبو علي الفارسي، وتلميذه أبو الفتح ابن جني، وانظر البحث التالي لهذا الكلام.

(١) سورة هود، الآية: ٨، ووجه استدلال من استدل بهذه الآية الكريمة على جواز تقديم خبر ليس عليها أن قوله سبحانه: {يَوْمَ يَأْتِيهِمْ} معمول الخبر الذي هو قوله:

(مصروفا) وقد تقدم هذا المعمول على ليس، ولا يجوز أن يتقدم المعمول إلّا حيث يجوز تقدم العامل فيه.

والاعتراض وارد على هذا الاستدلال من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أنا لا نسلم أنه لا يتقدم المعمول إلّا حيث يجوز تقدم العامل، وذلك لأن هذه القاعدة ليست مطردة تمام الاطراد، ونحن نذكر لك عدة مواضع أجازوا فيها تقديم المعمول، ولم يجيزوا فيها تقديم العامل فيه.

الموضع الأول: إذا كان خبر المبتدأ فعلا، لم يجيزوا تقديمه على المبتدأ، لئلا يلتبس المبتدأ بالفاعل، فلا يقولون «ضرب زيد» على أن يكون في ضرب ضمير وجملته خبر مقدم، لكن أجازوا تقديم معمول الخبر على مبتدئه، نحو «عمرا زيد ضرب».

الموضع الثاني: خبر إن إذا لم يكن ظرفا أو جارا ومجرورا، لم يجيزوا تقديمه على اسمها، فلا يقولون «إن جالس زيدا» وأجازوا تقديم معموله على الاسم، فيقولون:

«إن عندك زيدا جالس» وسيذكر ذلك المؤلف في إن وأخواتها.

الموضع الثالث: الفعل المنفي بلم أو لن، نحو «لم أضرب، ولن أضرب» لم يجيزوا تقديمه على النفي، وأجازوا تقديم معموله عليه، نحو: «زيدا لم أضرب، وعمرا لن أصاحب».

الموضع الرابع: الفعل الواقع بعد أما الشرطية، لم يجيزوا إيلاءه لأمّا، وأجازوا إيلاء معموله لها، نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ}

والوجه الثاني: وهو الذي أشار إليه المؤلف - أنا على فرض تسليم ما منعناه في الوجه الأول نقول: إنه ليس كل معمول يتقدم يدل على جواز تقدم عامله، لأن بعض المعمولات يكون تقدمها بسبب التوسع فيها أنفسها، وذلك كالظرف في الآية الكريمة، نعم لو كان المتقدم مفعولا به لأمكن أن يقال فيه: إن تقدمه يؤذن بجواز تقدم العامل فيه، من قبل أن أصل العامل أن يكون قبل المعمول، فافهم ذلك. =