أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[ومنها: أنها تحذف، وذلك على أربعة أضرب]

صفحة 234 - الجزء 1


= والبيت رابع خمسة أبيات للنابغة الذبياني يرد فيها على يزيد بن أبي حارثة بن سنان، وكان يزيد يعير النابغة، والبيت من شواهد شيخ النحاة سيبويه (١/ ١٣٢) وشواهد الأشموني (ش ٢٠٤).

اللغة: «حدبت» عطفت وأشفقت، وحدبت المرأة: أشبلت على ولدها، وبابه فرح «بطون» جمع بطن، وهو دون القبيلة «ضنة» يرويه بعض العلماء بالباء الموحدة، وليس بذاك، وإنما هو بالنون بعد الضاد المعجمة، وضنة: قبيلة من قبائل قضاعة ثم من عذرة، وكان النابغة وقومه ينسبون إلى ضنة وينفون عن بني ذبيان، فحقق في هذا البيت انتسابه إليهم.

المعنى: يقول: إن بطونا من بني ضنة يعطفون عليّ، وينصرونني على من أعاديه، ويأخذون بيدي، ويعينونني ظالما كنت أو مظلوما، يريد لا تطمع في النيل مني لأن قومي لا يسلمونني.

الإعراب: «حدبت» حدب: فعل ماض، والتاء علامة على تأنيث الفاعل «بطون» فاعل، وهو مضاف و «ضنة» مضاف إليه «كلها» كل: توكيد لبطون، وكل مضاف والضمير مضاف إليه «إن» حرف شرط جازم «ظالما» خبر لكان المحذوفة مع اسمها، وتقدير الكلام: إن كنت ظالما، أو تقديره: إن كان الحادب ظالما. وكان المحذوفة هي فعل الشرط «وإن» الواو حرف عطف، وإن: حرف شرط جازم «مظلوما» خبر لكان المحذوفة مع اسمها على نحو ما سبق، وجواب الشرط في الموضعين محذوف يدل عليه سياق الكلام، والتقدير: إن كنت ظالما فقد حدبوا عليّ، وإن كنت مظلوما فقد حدبوا عليّ، مثلا.

الشاهد فيه: قوله: «إن ظالما» وقوله: «إن مظلوما» حيث حذف كان مع اسمها وأبقى خبرها في الموضعين ومثل هذا البيت قول ليلى الأخيلية، وعجزه قريب من عجز البيت المستشهد به، وهو من شواهد سيبويه (١/ ١٣٢) أيضا:

لا تقربنّ الدّهر آل مطرّف ... إن ظالما أبدا وإن مظلوما

وقول ابن همام السلولي، وهو أيضا من شواهد سيبويه في الموضع المذكور:

وأحضرت عذري عليه الشّهو ... د إن عاذرا لي وإن تاركا

ومثله قول الشاعر، وأنشده ابن مالك في كتابه «شواهد التوضيح والتصحيح، لمشكلات الجامع الصحيح».

انطق بحقّ، وإن مستخرجا إحنا ... فإنّ ذا الحقّ غلّاب وإن غلبا

=