[تعمل ما عند الحجازيين بشروط]
[تعمل ما عند الحجازيين بشروط]
  فصل: في ما ولا ولات وإن المعملات عمل ليس تشبيها بها(١).
= الحذف، لأنها إنما حذفت وهي ساكنة لضعف الحرف الساكن، فوق ضعف النون في نفسها وشبهها بأحرف المدّ واللين التي تحذف في الجزم.
ويونس لا يعتد بهذا التحرك العارض بسبب التقاء الساكنين، ويزعم أن الحركة التي يقوى بها الحرف ويتحصن بواسطتها من الحذف إنما هي الحركة الأصيلة خاصة.
والخلاصة أن منشأ الخلاف بين يونس والجمهور في أنه هل يعتد بالحركة العارضة أو لا؟ فافهم ذلك وتدبره.
(١) فإن قال قائل: إن «ما» و «لا» من الحروف المشتركة بين الاسم والفعل، وقد قلتم إن من حق الحرف المشترك بين الأسماء والأفعال أن يكون مهملا، فكيف عمل هذان الحرفان في الاسم الرفع والنصب؟.
فالجواب عن هذا أن الذين أعملوهما من العرب وجدوا فيهما شبها من ليس، ووجدوا ليس ترفع الاسم وتنصب الخبر، فأعملوهما عمل ليس بحق هذا الشبهة، فهذا سبب خروجهما عن القاعدة التي قررها المؤلف وشرحناها في الوضع الذي دللناك عليه.
فإن قال قائل: ففيم أشبهت «ما» ليس؟.
فالجواب عن ذلك أن «ما» أشبهت «ليس» في ثلاثة أمور:
أحدها: أنها تدل على النفي كما أن ليس تدل على النفي، وليس الأمر قاصرا على هذه الدلالة، بل هو أقوى من مجرد الدلالة على النفي، فإن «ما» تدل على النفي في الحال كما أن «ليس» تدل على النفي في الحال.
الثاني: أنا وجدنا «ما» تدخل على المبتدأ والخبر كما أن ليس تدخل عليهما.
الثالث: أنا وجدنا الخبر الواقع بعد «ما» تقترن به الباء الزائدة كما في قوله تعالى: {ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} وكما في قول الشاعر:
لعمرك ما معن بتارك حقّه
كما أن خبر المبتدأ الواقع بعد ليس يقترن بهذه كما في قوله تعالى: {أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ} فلما أشبهت «ما» ليس هذا الشبه القوي عملت عملها، فرفعت الاسم ونصبت الخبر.
فإن قال قائل: فإن حمل «ما» على ليس بسبب هذه المشابهة يعد قياسا في اللغة، وقد علمنا أن القياس في اللغة ممتنع.
فإنا نقول في الجواب على هذا: إنه يكون قياسا لو أننا نحن الذين قضينا لهذه الحروف =