[تعمل ما عند الحجازيين بشروط]
  أما «ما»، فأعملها الحجازيّون، وبلغتهم جاء التنزيل، قال اللّه تعالى: {ما هذا بَشَراً}(١)، {ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ}(٢)، ولإعمالهم إياها أربعة شروط(٣):
  أحدها: أن لا يقترن اسمها بأن الزائدة، كقوله:
  [١٠١] -
  بني غدانة ما إن أنتم ذهب
= بهذا العمل لوجود هذا الشبه، ولكن الأمر على غير هذا، والذي حدث هو أننا استقرأنا كلام العرب فوجدنا من لسانهم أنهم يرفعون الاسم وينصبون الخبر بما كما يفعلون مع ليس، فتلمسنا لذلك سببا، فوجدناه على ما قد أخبرناك.
ثم إن لنا أن نقول: إن القياس في اللغة إنما يمتنع في مدلولات الألفاظ ومعانيها، ومعنى هذا أن نجدهم سموا شيئا ما باسم ما لعلة تقتضي هذه التسمية، فنجد هذه العلة موجودة في شيء آخر فنسمية بهذا الاسم، فأما في الأحكام الإعرابية فلا.
(١) سورة يوسف، الآية: ٣١.
(٢) سورة المجادلة، الآية: ٢.
(٣) اختلف النحاة في هذا الموضوع، فقال البصريون: عملت في الاسم الرفع وعملت في الخبر النصب، وقال الكوفيون: عملت في الاسم الرفع، فأما الخبر فهو منصوب على نزع حرف الجر، والصحيح ما ذهب إليه البصريون.
[١٠١] - هذا صدر بيت من البسيط، وعجزه قوله:
ولا صريف، ولكن أنتم الخزف
ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، ولا عثرت له على سوابق أو لواحق تتصل به.
اللغة: «غدانة» بضم الغين المعجمة وفتح الدال مخففة - حي من يربوع «صريف» بالصاد المهملة مفتوحة - الفضة «الخزف» بخاء وزاي معجمتين مفتوحتين - ما عمل من الطين وشوي بالنار فصار فخارا، وبائعه خزاف.
المعنى: هجا بني غدانة، ووصفهم بأنهم من رذال الناس وسقاطهم، وليسوا من أشراف الناس، ولا ممن يقارب الأشراف، وجعل الذهب والفضة مثلين للأشراف ومن يدانيهم؛ وجعل الخزف مثلا لرذال الناس وحثالتهم.
الإعراب: «بني» منادى بحرف نداء محذوف، وبني مضاف و «غدانة» مضاف إليه «ما» حرف نفي «إن» زائدة «أنتم» مبتدأ «ذهب» خبر المبتدأ «ولا» الواو حرف عطف، ولا:
حرف زائد لتأكيد النفي «صريف» معطوف على ذهب «ولكن» الواو عاطفة، لكن: =