أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر

صفحة 247 - الجزء 1

  وأما رواية يعقوب «ذهبا» بالنصب فتخرّج على أنّ إن نافية مؤكّدة لما، لا زائدة.


= حرف استدراك «أنتم» مبتدأ «الخزف» خبر المبتدأ، مرفوع بالضمة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله «ما إن أنتم ذهب» وقد رويت هذه العبارة برفع «ذهب» كما رويت بنصبه.

أما رواية الرفع فهي التي حكاها المؤلف المحقق ههنا، ووجهها أن «ما» نافية، و «إن» حرف زائد، وهذه الرواية تدل على أن «ما» إذا زيدت بعدها «إن» لم تعمل عمل ليس، ولكن يرتفع بعدها المبتدأ والخبر جميعا.

وأما الرواية الثانية - وهي رواية النصب - فهي رواية آثرها يعقوب بن السكيت، وخرجها على أن «إن» الواقعة بعد ما زائدة كما قال الجمهور، واستدل بهذه الرواية على أنه لا يبطل عمل «ما» بزيادة «إن» بعدها.

وقد أنكر عليه الجمهور ما ذهب إليه، وقالوا: إنا إذا سلمنا رواية النصب التي حكاها يعقوب لا نسلم أن «إن» الواقعة بعدها زائدة، ولكنها نافية مؤكدة لنفي ما، فالنفي التي عملت «ما» لدلالتها عليه باق، بخلاف ما لو جعلت «إن» نافية لنفي «ما» فإن الكلام يكون بعد ذلك موجبا مثبتا؛ لأن نفي النفي إيجاب، فيزول حينئذ سبب عمل ما؛ لأن شرط إعمالها أن يكون الكلام باقيا على إفادة النفي.

ومثل بيت الشاهد قول الشاعر، وهو فروة بن مسيك:

فما إن طبّنا جبن، ولكن ... منايانا ودولة آخرينا

فإن قلت: يبطل عمل «ما» إذا اقترن اسمها بأن الزائدة؟.

فالجواب أن «ما» عامل ضعيف، والعامل الضعيف لا يقوى على العمل إلّا إذا وقع معموله منه في موقعه الطبيعي، فلم يتقدم المعمول عليه، ولم يفصل بينه وبين معموله، وإنما كانت عاملا ضعيفا لسببين.

الأول: أن القياس كان يقتضي إهمالها لاشتراكها بين الأسماء والأفعال، فلما كانت في عملها خارجة على ما يقتضيه القياس كانت عاملا ضعيفا.

السبب الثاني: أنها حين عملت إنما عملت حملا على فعل جامد لا يتصرف فالمحمول عليه ضعيف في بابه، فلزم أن يسري الضعف منه إلى ما حمل عليه وهو «ما» وهذا نفسه هو السر في أنه لا يجوز أن تعمل إذا تقدم خبرها على اسمها، وذلك واضح مما قررناه في السبب الأول.