أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر

صفحة 248 - الجزء 1

  الثاني: أن لا ينتقض نفي خبرها بإلّا⁣(⁣١)، فلذلك وجب الرفع في: {وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ}⁣(⁣٢) {وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ}⁣(⁣٣)، فأما قوله:

  [١٠٢] -

  وما الدّهر إلّا منجنونا بأهله ... وما صاحب الحاجات إلّا معذّبا


(١) اختلف النحاة في هذا الموضوع على أربعة مذاهب: فجمهور البصريين على أنه إذا انتقض نفي خبر «ما» بإلا وجب رفع الخبر مطلقا، وذهب يونس بن حبيب إلى أنه يجوز نصب الخبر حينئذ مطلقا، وذهب الفراء إلى أنه يجوز نصب الخبر حينئذ بشرط كون الخبر وصفا، نحو «ما زيد إلّا قائما»، وذهب جمهور الكوفيين إلى أنه يجوز نصب الخبر حينئذ لكن بشرط أن يكون الخبر مشبها به نحو «ما زيد إلّا أسدا».

وكلام المؤلف صريح في أنه لو كان انتقاض نفي الخبر بغير إلّا لم يبطل عمل «ما» فلو قلت «ما زيد غير شجاع» أو قلت «ما زيد سوى بطل» بقي العمل، فنصبت «غير» في المثال الأول لفظا، ونصبت «سوى» في المثال الثاني تقديرا.

(٢) سورة القمر، الآية: ٥٠.

(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٤٤.

[١٠٢] - هذا بيت من الطويل، وقد أنشد ابن جنّيّ هذا البيت، ونسبه إلى بعض الأعراب ولم يعينه، وقد بحثت طويلا عنه فلم أعثر له عن نسبة إلى قائل معين، ولا وقفت له على سوابق أو لواحق تتصل به.

اللغة: «منجنون» هي الدولاب التي يستقى عليها، وقال ابن سيده: المنجنون أداة الساقية التي تدور اه. والأكثر فيها التأنيث «معذبا» هو اسم مفعول من التعذيب، ويقال: هو مصدر ميمي بمعنى التعذيب، وستعرف وجه التفسيرين عند بيان الاستشهاد بالبيت.

الإعراب: «ما» نافية «الدهر» اسم ما مرفوع بالضمة الظاهرة «إلا» أداة استثناء ملغاة لا عمل لها «منجنونا» خبر ما النافية «بأهله» الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لمنجنون، أو متعلق بالفعل العامل في منجنون، على اختلاف التخريج الذي ستعرفه في بيان الاستشهاد بالبيت، وأهل مضاف وضمير الغائب مضاف إليه «وما» الواو حرف عطف، ما: حرف نفي «صاحب» اسم ما، وهو مضاف و «الحاجات» مضاف إليه «إلا» أداة استثناء ملغاة لا عمل لها «معذبا» خبر ما النافية، هذا هو الظاهر، وذهب إليه جماعة من النحاة ستعرفهم وستعرف ما فيه من الفساد.

الشاهد فيه: قوله «ما الدهر إلّا منجنونا» وقوله «ما صاحب الحاجات إلّا معذبا» فإن =