أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر

صفحة 250 - الجزء 1

  قائما بل قاعد» أو «لكن قاعد» على أنه خبر لمبتدأ محذوف، ولم يجز نصبه بالعطف لأنه موجب.

  الثالث: أن لا يتقدّم الخبر⁣(⁣١)، كقولهم: «ما مسيء من أعتب»، وقوله:

  [١٠٣] -

  وما خذّل قومي فأخضع للعدى


= بإلّا أو بإنما يحذف عامله حذفا واجبا.

فإن قلت: فلماذا جعلت انتصاب «منجنونا» في البيت على المفعولية المطلقة بتقدير مضاف، وليس كذلك انتصاب «سيرا» في المثال الذي جعلت هذا نظيره؟.

فالجواب عن هذا أن ننبهك إلى أن الذي ينتصب على المفعولية المطلقة يجب أن يكون مصدرا أو اسم مصدر أو آلة للفعل أو عددا - إلى آخر ما ستعرفه في باب المفعول المطلق، وقول الشاعر «منجنونا» ليس واحدا منها، لأنه اسم للدولاب التي يستقى عليها الماء، وأسماء الذوات لا تنتصب على المفعولية المطلقة، إلّا أن تكون آلة الفعل كالسوط والعصا في قولك: ضربته سوطا، وضربته عصا.

هذا، وقد أنشد ابن مالك صدر البيت

أرى الدهر إلّا منجنونا بأهله

وخرجه على زيادة «إلا» وكأن الشاعر قد قال: أرى الدهر منجنونا بأهله، فمنجنونا - على هذا - مفعول ثان لأرى، ولم يرتض ذلك ابن هشام في مغني اللبيب.

(١) مذهب الجمهور أنه لو تقدم الخبر على الاسم بطل العمل، مطلقا، نعني سواء أكان الخبر اسما مفردا نحو «ما قائم زيد» و «ما مسيء من أعتب» أم كان الخبر ظرفا نحو «ما عندك زيد» أو جارا ومجرورا نحو «ما في الدار زيد» وفي هذا مذهبان آخران، أولهما - وهو مذهب الفراء - أن تقديم الخبر لا يبطل العمل مطلقا، وثانيهما - وهو مذهب ابن عصفور - التفصيل بين ما إذا كان الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا فلا يبطل العمل، وبين ما إذا لم يكن الخبر ظرفا ولا جارا ومجرورا فيبطل العمل، ووجهه أن الظرف والجار والمجرور يتوسع فيهما ما لا يتوسع في غيرهما.

وقد ذكر الجرمي أن الإعمال مع تقديم الخبر لغة لقوم من العرب، وهذا النقل يؤيد ما ذهب إليه الفراء.

[١٠٣] - هذا صدر البيت من الطويل، وعجزه قوله:

ولكن إذا أدعوهم فهم هم

ولم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، ولا عثرت له على سابق أو لا حق. =