أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[عملها، وعددها]

صفحة 293 - الجزء 1

  فالأول والثاني: «إنّ» و «أنّ»: وهما لتوكيد النسبة، ونفي الشكّ عنها، والإنكار لها.

  والثالث: «لكنّ»: وهو للاستدراك والتوكيد، فالأول نحو: «زيد شجاع لكنّه بخيل» والثاني نحو: «لو جاءني أكرمته، لكنّه لم يجئ»⁣(⁣١).

  والرابع «كأنّ»: وهو للتشبيه المؤكّد⁣(⁣٢)، لأنه مركب من الكاف وأنّ.


= ويستثنى من ذلك أن المفتوحة فإنها انفردت بجواز وقوع خبرها جملة إنشائية، وهو مقيس فيما إذ خففت نحو قوله تعالى: {وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ} وقوله جل شأنه: {وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها}

والأمر الثاني: أن جماعة من العلماء - منهم ابن سيده - قد حكوا أن قوما من العرب ينصبون بأن وأخواتها الاسم والخبر جميعا، واستشهدوا على ذلك بقول الشاعر (وينسب إلى عمر بن أبي ربيعة، ولم أجده في ديوانه):

إذا اسودّ جنح اللّيل فلتأت، ولتكن ... خطاك خفافا، إنّ حرّاسنا أسدا

وبقول محمد بن ذؤيب العماني الفقيمي الراجز:

كأنّ أذنيه إذا تشوّفا ... قادمة أو قلما محرّفا

وبقول الآخر:

يا ليت أيّام الصّبا رواجعا

وبقول الشاعر، وينسب إلى امرئ القيس:

فأقسم لو شيء أتانا رسوله ... سواك، ولكن لم نجد لك مدفعا

إذن لرددناه، ولو طال مكثه ... لدينا، ولكنّا بحبّك ولّعا

وزعم ابن سلام أن لغة جماعة من تميم هم قوم رؤبة بن العجاج نصب الجزأين بأن وأخواتها، ونسب ذلك أبو حنيفة الدينوري إلى تميم عامة.

وجمهرة النحاة لا يسلمون ذلك كله، وعندهم أن المنصوب الثاني منصوب بعامل محذوف، وذلك العامل المحذوف هو خبر إن، وكأنه قال: إن حراسنا يشبهون أسدا، كأن أذنيه يشبهون قادمة أو قلما، يا ليت أيام الصبا تكون رواجع، وفي هذه الشواهد تخريجات أخرى غير ما ذكرنا.

(١) ومن ذلك قول الحماسي:

فلو طار ذو حافر قبلها ... لطارت، ولكنّه لم يطر

(٢) ولا تخرج «كأن» عن التشبيه عند البصريين، وزعم الكوفيون أن «كأن» كما تأتي =