هذا باب الأحرف الثمانية الداخلة على المبتدأ والخبر
= اللغة: «تشكى» أصله تتشكى - بتاءين - فحذف إحدى التاءين، وذلك شائع كثير في فصيح كلام العرب، وفي التنزيل العزيز {فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى} ومعنى «تشكى» يصيبها المرض فتشكو آلامه «أعودها» العيادة: زيارة المريض خاصة، وتقول: عاد فلان فلانا يعوده عيادة، إذا زاره وهو مريض.
المعنى: ترجى هذا الشاعر أن محبوبته يصيبها مرض فتشكو آلامه، ليكون ذلك وسيلة يراها بسببها، وهي أمنية سخيفة.
الإعراب: «قلت» فعل وفاعل «عساها» عسى: حرف ترج ونصب، وضمير الغائبة اسمه «نار» خبر عسى، ونار مضاف و «كأس» مضاف إليه «وعلّها» الواو حرف عطف، عل:
حرف ترج ونصب، وضمير الغائبة اسمه «تشكى» فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي، والجملة في محل رفع خبر لعل «فآتي» الفاء عاطفة، آتي: فعل مضارع فاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «نحوها» نحو: ظرف منصوب بآتي، ونحو مضاف وضمير الغائبة مضاف إليه «فأعودها» الفاء حرف عطف، أعود: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، وضمير الغائبة العائد إلى محبوبته مفعول به.
الشاهد فيه: قوله «عساها نار كأس» حيث نصب الضمير محلا بعسى، ورفع بها ما بعده على أنه الخبر، فدل ذلك على أنها تعمل عمل «إن» فتنصب الاسم، وترفع الخبر.
وهذا رأي سيبويه |! فإنه ذهب إلى أن «عسى» قد يجيء حرفا دالا على الترجي فتعمل عمل إن، فهي مثل لعل في أن كلّا منهما يدل على الرجاء، وبيت الشاهد يدل على صحة هذا المذهب، ويلزمه أن يكون لفظ «عسى» مشتركا، فتارة يكون فعلا يعمل عمل كان، وتارة يكون حرفا يعمل عمل إن.
وخالف في هذ المبرد والفارسي، وزعما أن «عسى» تكون دائما فعلا عاملا عمل كان، وذكرا أن الضمير في البيت خبر عسى تقدم على اسمه، والاسم المرفوع بعده اسم عسى تأخر عن الخبر، وهو فاسد، لما يلزم عليه من جعل خبر عسى مفردا وهو نادر أو ضرورة، وقد فصلنا القول في ذلك في شرحنا على الأشموني، وارجع إلى ما ذكرناه لك قريبا في مستهل باب أفعال المقاربة (في ص ٢٦٨ من هذا الجزء).