أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: تدخل لام الابتداء على أربعة أشياء]

صفحة 309 - الجزء 1

  [١٣٦] -

  وأعلم إنّ تسليما وتركا ... للا متشابهان ولا سواء

  وبخلاف نحو: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى}⁣(⁣١)، وأجاز الأخفش والفراء - وتبعهما ابن مالك - «إن زيدا لنعم الرّجل» و «لعسى أن يقوم» لأن الفعل الجامد كالاسم⁣(⁣٢)،


[١٣٦] - هذا بيت من الوافر، وهو لأبي حزام - غالب بن الحارث - العكلي.

اللغة: «إن» إذا جريت على ما هو الظاهر فالهمزة مكسورة، لأن اللام في خبرها، وإذا جعلت اللام زائدة فتحت الهمزة، والأول أقرب، لأن الذي يعلق «أعلم» عن العمل هو لام الابتداء لا الزائدة «تسليما» أراد به التسليم على الناس، أو تسليم الأمور إلى ذويها «وتركا» أراد به ترك ما عبر عنه بالتسليم.

الإعراب: «أعلم» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «إن» حرف توكيد ونصب «تسليما» اسمه «وتركا» معطوف عليه «للامتشابهان» اللام لام الابتداء، أو زائدة، على ما ستعرف، متشابهان: خبر إن «ولا» الواو عاطفة، لا: نافية «سواء» معطوف على خبر إن.

الشاهد فيه: قوله: «للامتشابهان» حيث أدخل اللام في الخبر المنفي بلا، وهو شاذ.

وقد اختلف العلماء في رواية صدر هذا البيت، فظاهر كلام الرضي - وهو صريح كلام ابن هشام - أن همزة إن مكسورة لوجود اللام في خبرها. قال ابن هشام: «إن بالكسر لدخول اللام في الخبر» اه. وهذا مبني على ما هو الظاهر من أن اللام لام الابتداء كما ذكرنا لك في لغة البيت. وذهب ابن عصفور تبعا للفراء إلى أن الهمزة مفتوحة، ومجازه عندنا أنه اعتبر اللام زائدة وليست لام الابتداء.

فإذا جعلت همزة إن مكسورة على ما هو كلام ابن هشام - وهو الذي يجري عليه كلام كثير من النحويين - كان في البيت شذوذ واحد، وهو دخول اللام على خبر إن المنفي؛ وإذا جريت على كلام ابن عصفور فإن اعتبرت اللام لام الابتداء كان في هذا الشاهد شذوذان: أحدهما دخول اللام على خبر أن المفتوحة، وثانيهما دخولها على الخبر المنفي، ويخلص من هذا كله أن نعتبر اللام زائدة كما اعتبروها كذلك في كثير من الشواهد.

(١) سورة آل عمران، الآية: ٢٣.

(٢) المراد بنعم كل فعل لا دلالة له على حدث ولا زمان معين تقتضيه الصيغة، والمراد بعسى كل فعل دل على زمان، ولكنه نقل إلى الإنشاء، وقد وافق الشاطبي على دخول =