وإنما يبنى الاسم إذا أشبه الحرف، وأنواع الشبه ثلاثة:
  «أعجبني ضرب زيد، وكرهت ضرب عمرو، وعجبت من ضربه».
  والثّاني: كإذ وإذا وحيث(١) والموصولات، ألا ترى أنّك تقول: «جئتك إذ»، فلا يتمّ معنى «إذ» حتى تقول: «جاء زيد»، ونحوه، وكذلك الباقي، واحترز بذكر الأصالة من نحو: {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}(٢)؛ فيوم: مضاف إلى الجملة، والمضاف مفتقر إلى المضاف إليه، ولكنّ هذا الافتقار عارض في بعض التّراكيب، ألا ترى أنّك تقول: «صمت يوما، وسرت يوما»، فلا يحتاج إلى شيء، واحترز بذكر الجملة من نحو: «سبحان»، و «عند» فإنّهما مفتقران في الأصالة لكن إلى مفرد، تقول: «سبحان اللّه»(٣) و «جلست عند زيد».
(١) فإن قلت: إن وإذا ملازمان للإضافة، وقد علمنا أن الإضافة مما يختص بالأسماء، فلماذا لم يعربا كما أعربت أي الشرطية والاستفهامية لملازمتهما للإضافة.
فالجواب عن ذلك أن نبين لك أن ملازمة الإضافة على ضربين، الأول ملازمة الإضافة إلى مفرد، وهذا هو الذي يعارض شبه الحرف، وبسببه أعربت أي، لأنها ملازمة للإضافة إلى مفرد والثاني ملازمة الإضافة إلى جملة، وهذا النوع الثاني لا يعارض شبه الحرف، وإذ وإذا يلازمان الإضافة للجملة؛ فلا يعارض ذلك مشابهتهما للحرف، لأن الإضافة للجملة في تقدير الانفصال، فكأنه لا إضافة، فافهم ذلك.
(٢) سورة المائدة، الآية: ١١٩.
(٣) ما ذكره المؤلف من أن «سبحان» ملازم للإضافة إلى مفرد هو المشهور عند أهل اللغة والنحو، وذهب جماعة إلى أن سبحان يستعمل غير مضاف، واستشهدوا على استعماله غير مضاف بقول الأعشى ميمون:
قلت لمّا جاءني فخره ... سبحان من علقمة الفاخر
وهو شاذ عند الأولين.
قال ابن سيده في المخصص ١٧/ ١٦٣ «وأما سبحان اللّه فأرى سبحان مصدر فعل لا يستعمل، كأنه قال سبح سبحانا، كما تقول كفر كفرانا وشكر شكرانا، ومعناه معنى التنزيه والبراءة، ولم يتمكن في مواضع المصادر، لأنه لا يأتي إلّا مصدرا منصوبا، مضافا وغير مضاف، وإذا لم يضف ترك صرفه فقيل سبحان من زيد، أي براءة منه كما قال «وأنشد عجز بيت الأعشى» ثم قال بعد كلام: وقد يجيء سبحان في الشعر منونا كقول أمية:
سبحانه ثم سبحانا يعود له ... وقبلنا سبّح الجوديّ والجمد