هذا باب الأحرف الثمانية الداخلة على المبتدأ والخبر
= مضارع ناقص فعل الشرط مجزوم بسكون النون المحذوفة للتخفيف، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم الشرط «أمسى» فعل ماض ناقص «بالمدينة» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر أمسى تقدم على اسمه «رحله» رحل: اسم أمسى تأخر عن خبره مرفوع بالضمة الظاهرة، وضمير الغائب مضاف إليه، وجملة أمسى واسمه وخبره في محل نصب خبر يك «فإني» الفاء واقعة في جواب الشرط، إن: حرف توكيد ونصب، وياء المتكلم اسمه «وقيار» الواو حرف عطف، قيار: مبتدأ: مرفوع بالضمة الظاهرة، وخبره محذوف، وتقدير الكلام: وقيار مثلي، مثلا: «لغريب» اللام لام التوكيد، غريب: خبر إن مرفوع بالضمة الظاهرة.
الشاهد فيه: قوله: «فإني وقيار لغريب» حيث ورد فيه ما ظاهره أنه عطف الاسم المرفوع الذي هو «قيار» على اسم إن المنصوب الذي هو ياء المتكلم، قبل أن يجاء بخبر إن الذي هو قوله: «لغريب». وقد تمسك بهذا الظاهر جماعة من النحاة منهم الكسائي فأجازوا العطف بالرفع على محل اسم إن قبل استكمال الخبر، وهو عند المحققين من العلماء على غير ما يدل عليه ظاهر الكلام، بل الاسم المرفوع مبتدأ خبره محذوف يدل عليه خبر إن، أو خبره المذكور وخبر إن هو المحذوف، ويراعى في كل كلام ما يناسبه، ففي بيت الشاهد يتعين أن يكون المذكور هو خبر إن والمحذوف هو خبر المبتدأ، لأن هذا الخبر المذكور مقترن باللام، وخبر المبتدأ لا يقترن باللام إلّا شذوذا، والحمل على الشاذ - ما أمكن غيره - لا يجوز، والذهاب إلى أن اللام زائدة لا لام الابتداء مما لا داعي إليه.
ولتحقيق أقوال النحاة في هذه المسألة نقول لك:
قد علمت أن مما لا يستطيع أن يجحده واحد من النحاة أنه قد ورد عن العرب في جملة صالحة من الشعر وفي بعض النثر وقوع الاسم المرفوع معطوفا بالواو بعد اسم إن المنصوب وقبل خبرها، ومنه قول ضابئ بن الحارث البرجمي وهو الشاهد الذي نشرحه:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإنّي وقيّار بها لغريب
ومنه قول رؤبة أو جران العود، وهو الشاهد (١٤٥) الآتي:
يا ليتني وأنت يا لميس ... في بلدة ليس بها أنيس
وقد ورد في القرآن الكريم آيتان ظاهرهما كظاهر هذين البيتين: الأولى قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ} والثانية قراءة بعضهم: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ =