أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب «لا» العاملة عمل إن:

صفحة 7 - الجزء 2

  ولو كانت لنفي الوحدة عملت عمل ليس، نحو: «لا رجل قائما، بل رجلان» وكذا إن أريد بها نفي الجنس لا على سبيل التنصيص، وإن دخل عليها الخافض خفض النكرة⁣(⁣١)، نحو: «جئت بلا زاد»، و: «غضبت من لا شيء» وشذّ: «جئت بلا شيء» بالفتح، وإن كان الاسم معرفة أو منفصلا منها أهملت⁣(⁣٢)، ووجب - عند غير


= هذا تخريج كلام المؤلف، وأصله لأبي الحسن الأخفش، ونقله عنه ابن عصفور في المقرب، قال «أنشد أبو الحسن:

لو لم تكن غطفان ... البيت

والمعنى لها ذنوب، أي: وعمل لا الزائدة شاذ، والأصل أن يكون دخول لا الزائدة في الكلام لمجرد تقويته وتوكيده» اه. وقال ابن جني: «سألت أبا علي، فقلت: الزائدة لم أو لا؟ فقال: لم تأت لم زائدة في كلامهم، فيجب أن تكون لا هي الزائدة» اه. وهذا كله مبني على أن «لو» حرف يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط، وهو مذهب الجمهور، وهو الراجح عند العلماء.

(١) اعلم أولا أن حرف الجر فيه نوع قوة، بدليل أنه لا يعلق عن العمل، ثم اعلم ثانيا أن «لا» حرف نفي لا يعوق العامل المتقدم عليه عن أن يعمل في المعمول المتأخر عنه، وانظر إلى مثل قولك «ساءني أن تؤدي واجبك» تجد الفعل «تؤدي» منصوبا بأن المصدرية الداخلة على «لا» النافية، ولم تحل «لا» بين العامل الذي هو أن والمعمول الذي هو الفعل المضارع، وانظر أيضا إلى مثل قولك «إن لا تؤد واجبك تندم» تجد أن «تؤد» مجزوم بأن الشرطية المتقدمة على لا النافية، وأن «لا» هذه لم تحل بين العامل الذي هو إن الشرطية ومعموله الذي هو الفعل المضارع، ثم وازن بين هذا وبين نحو قولك «إن لم تؤد واجبك تندم» وقد علمت أن «تؤد» مجزوم بلم، وليس مجزوما بأن الشرطية، تدرك الفرق بين «لا» وغيرها من أدوات النفي، فإذا أدركت فاعلم أن لا في «جئت بلا زاد» وفي «غضبت من لا شيء» حرف نفي لا عمل له، وأن النكرة التي بعده في المثالين مجرورة بحرف الجر السابق على لا، وهذا مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن «لا» في هذين المثالين ونحوهما اسم بمعنى غير، وهو مبني لشبهه بالحرف، ومحله الجر، وهو مضاف إلى النكرة التي بعده، فالنكرة عندهم مجرورة بالإضافة، لا بحرف الجر السابق.

(٢) قد ورد اسم «لا» النافية للجنس معرفة، وهي مع ذلك عاملة، ولم تكرر، ومن ذلك قولهم «قضية ولا أبا حسن لها» وقولهم: =