هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر، فتنصبهما مفعولين
  والأكثر وقوع هذا على «أنّ» وصلتها، كقوله:
  [١٧٠] -
  فقلت تعلّم أنّ للصّيد غرّة
=
تعلّم - أبيت اللّعن! - أنّي فاتك ... من اليوم أو من بعده بابن جعفر
وقول الشاعر:
تعلّم رسول اللّه أنك مدركي ... وأنّ وعيدا منك كالأخذ باليد
وكذا قول الحارث بن عمرو، وينسب لعمرو بن معد يكرب:
تعلّم أنّ خير النّاس طرّا ... قتيل بين أحجار الكلاب
ونظيره قول أعرابي:
تعلّم أنّ أكثر من تراهم ... - وإن ضحكوا إليك - من الأعادي
وقد يتعدى هذا الفعل إلى مفعوليه بواسطة «أن» المخففة من الثقيلة، ومن ذلك قول أبي صخر الهذلي:
فتعلّمي أن قد كلفت بكم ... ثمّ افعلي ما شئت عن علم
ويندر أن ينصب هذا الفعل مفعولين كل منهما اسم ظاهر كما في بيت الشاهد (رقم ١٦٩).
[١٧٠] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:
وإلّا تضيّعها فإنّك قاتله
وهذا البيت لزهير بن أبي سلمى المزني، من قصيدة له مطلعها قوله:
صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله ... وعرّي أفراس الصّبا ورواحله
اللغة: «صحا القلب ... الخ» قال الأعلم: «يقول صحا قلبه عن حب سلمى، وكف باطله، أي صباه ولهوه، وقوله «وعري أفراس الصبا ورواحله» هذا مثل ضربه، يريد أنه ترك الصبا وركوب الباطل، وتقدير اللفظ: عري أفراس ورواحل كنت أركبها في الصبا وطلب اللهو «تعلم» معناها اعلم، ولا يتصرف منه بهذا المعنى فعل، ولم يستعمل منه غير الأمر، لا يقال: تعلم يتعلم، بمعنى علم يعلم «غرة» بكسر الغين المعجمة - الغفلة وأن يؤتى من حيث لا يشعر.
المعنى: يقول لغلامه: اعلم أن الصيد ربما كان مغترا، فإن لم تضيع وصيتي وطلب غرته فإنك لا محالة قاتله ومصيبه.
الإعراب: «قلت» فعل وفاعل «تعلم» فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «أن» حرف توكيد ونصب «للصيد» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر أن مقدم =