هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر، فتنصبهما مفعولين
  والأكثر في هذا أن يتعدّى بالباء، فإذا دخلت عليه الهمزة تعدّى لآخر بنفسه نحو: {وَلا أَدْراكُمْ بِهِ}(١).
  والثاني: ما يفيد في الخبر رجحانا، وهو خمسة: جعل، وحجا، وعدّ، وهب، وزعم، نحو: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً}(٢)، وقوله:
  [١٧٢] -
  قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة
(١) سورة يونس، الآية: ١٦.
(٢) سورة الزخرف، الآية: ١٩.
[١٧٢] - هذا صدر بيت من البسيط، وعجزه قوله:
حتّى ألمّت بنا يوما ملمّات
وهذا البيت نسبه ابن هشام إلى تميم بن أبي بن مقبل، ونسبه صاحب المحكم إلى أبي شنبل الأعرابي.
اللغة: «أحجو» أظن «ألمت» نزلت، والملمات: جمع ملمة، وهي النازلة من نوازل الدهر.
المعنى: لقد كنت أظن أبا عمرو صديقا يركن إليه في النوازل والشدائد، ولكني قد عرفت مقدار مودته، إذ نزلت بي نازلة فلم يكن منه إلّا أن نفر مني ولم يكن عونا لي فيها.
الإعراب: «قد» حرف تحقيق «كنت» كان: فعل ناقص، والتاء اسمه «أحجو» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «أبا» مفعول أول «عمرو» مضاف إليه «أخا» مفعول ثان، وجملة أحجو ومعموليه في محل نصب خبر كان «ثقة»: يقرأ بالنصب منونا مع تنوين أخ، فهو حينئذ صفة له، ويقرأ بالجر منونا فهو - حينئذ - مضاف إليه، وأخ على الأول معرب بالحركات لعدم إضافته، وعلى الثاني معرب بالحروف لاستيفائه شروط الإعراب بها «حتى» حرف غاية «ألمت» ألم: فعل ماض، والتاء للتأنيث «بنا» جار ومجرور متعلق بألم «يوما» ظرف زمان متعلق بألم «ملمات» فاعل ألمت.
الشاهد فيه: قوله: «أحجو أبا عمرو أخا» حيث استعمل المضارع من «حجا» بمعنى الظن، ونصب به مفعولين: أحدهما «أبا عمرو»، والثاني «أخا ثقة».
هذا، واعلم أن العيني صرح بأنه لم ينقل أحد من النحاة أن «حجا يحجو» ينصب =