هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر، فتنصبهما مفعولين
  وقوله:
  [١٧٥] -
  زعمتني شيخا ولست بشيخ
= مضاف و «مالك» مضاف إليه «وإلّا» هي إن الشرطية مدغمة في لا النافية، وفعل الشرط محذوف يدل عليه ما قله من الكلام، وتقديره: وإن لا تفعل، مثلا «فهبني» الفاء واقعة في جواب الشرط، هب: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والنون للوقاية، والياء مفعول أول «امرأ» مفعول ثان «هالكا» نعت لامرئ.
الشاهد فيه: قوله: «فهبني امرأ» فإن «هب» فيه بمعنى الظن، وقد نصب به مفعولين:
أحدهما ياء المتكلم، وثانيهما قوله: «امرأ» على ما أوضحناه في الإعراب.
واعلم أن «هب» - بهذا المعنى - فعل جامد لا يتصرف، فلا يجيء منه ماض ولا مضارع، بل هو ملازم لصيغة الأمر؛ فإن كان من الهبة - وهي التفضل بما ينفع الموهوب له - كان متصرفا تام التصرف، قال اللّه تعالى: {وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ} وقال سبحانه: {يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً} وقال: {هَبْ لِي حُكْماً}.
واعلم أيضا أن الغالب على «هب» بهذا المعنى أن يتعدى إلى مفعولين صريحين كما في بيت الشاهد، وقد يدخل على «أن» المؤكدة ومعموليها؛ فزعم ابن سيده والجوهري والجرمي أنه لحن، وقال الأثبات من العلماء والمحققين: ليس لحنا لأنه واقع في فصيح العربية، وقد روي من حديث عمر «هب أن أبانا كان حمارا»، وهو مع فصاحته قليل.
[١٧٥] - هذا صدر بيت من الخفيف، وعجزه قوله:
إنّما الشّيخ من يدبّ دبيبا
وهذا البيت من كلام أبي أمية الحنفي، واسمه أوس.
اللغة: «شيخا» الشيخ: هو الذي استبانت فيه السن وظهر عليه الشيب، وقيل: الإنسان شيخ من خمسين إلى آخر عمره، وقيل: من إحدى وخمسين إلى آخر عمره، وقيل:
من الخمسين إلى الثمانين، ويجمع على أشياخ، وشيخان، وشيوخ «يدب دبيبا» يسير سيرا رويدا ويمشي مشيا وئيدا.
المعنى: ظنت هذه المرأة - حين رأت المشيب برأسي - أنني قد صرت شيخا، وهذا منها ظن خاطئ، لأنني ما زلت متكامل القوى، ولأن الشيخ هو الذي ضعفت منّته وتقاربت خطاه، وصار غير قادر على السير.
الإعراب: «زعمتني» زعم: فعل ماض، والتاء حرف دال على تأنيث الفاعل، والنون =