هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر، فتنصبهما مفعولين
  والأكثر في هذا وقوعه على أن وأنّ وصلتهما، نحو {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}(١)، وقال:
  [١٧٦] -
  وقد زعمت أنّي تغيّرت بعدها
= للوقاية، وياء المتكلم مفعول أول «شيخا» مفعول ثان لزعم «ولست» الواو واو الحال، ليس: فعل ماض ناقص، وتاء المتكلم اسمه «بشيخ» الباء حرف جر زائد، شيخ: خبر ليس منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة من ليس واسمه وخبره في محل نصب حال «إنما» أداة حصر لا عمل لها «الشيخ» مبتدأ «من» اسم موصول خبر المبتدأ، مبني على السكون في محل رفع «يدب» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الاسم الموصول «دبيبا» مفعول مطلق، وجملة الفعل المضارع وفاعله لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.
الشاهد فيه: قوله: «زعمتني شيخا» حيث استعمل فيه «زعم» بمعنى ظن، ونصب به مفعولين: أحدهما ياء المتكلم، وثانيهما قوله: «شيخا» وقد تبين ذلك في إعراب البيت، وهذا مستعمل في كلام العرب من غير شذوذ ولا اضطرار.
ومثله قول أبي ذؤيب الهذلي:
فإن تزعميني كنت أجهل فيكم ... فإنّي شريت الحلم بعدك بالجهل
وزعم الأزهري وأبو عبيدة أن ذلك لا يكون في مستعمل الكلام، وإنما يجيء في ضرورات الشعر، وليس بشيء، نعم الكثير في استعمال الفصحاء أن يتعدى «زعم» إلى مفعوليه بواسطة «أن» المؤكدة ومعموليها سواء أكانت مثقلة كما في البيت الذي يلي هذا (رقم ١٧٦) أم كانت مخففة من الثقيلة كما في قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} وسنذكر شواهد ذلك في شرح البيت الآتي، إن شاء اللّه تعالى.
(١) سورة التغابن، الآية: ٧.
[١٧٦] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:
ومن ذا الّذي يا عزّ لا يتغيّر
وهذا البيت ثاني ثلاثة أبيات من كلام كثير بن عبد الرحمن المعروف بكثير عزة، والبيت الذي بعده قوله:
تغيّر جسمي والخليقة كالّذي ... عهدت، ولم يخبر بسرّك مخبر
اللغة: «زعمت» ظنت أو ذكرت ذلك في كلامها عنه «تغيرت» يريد ما كان من نحول =