هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر، فتنصبهما مفعولين
  كقوله جلّ ثناؤه: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً ٦ وَنَراهُ قَرِيباً}(١)، وقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ}(٢)، وقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ}(٣).
  والرابع: ما يرد بهما، والغالب كونه للرّجحان، وهو ثلاثة: ظنّ، وحسب، وخال كقوله:
  [١٧٧] -
  ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا
= وتلوناها في شرح الشاهد السابق، وقوله سبحانه: {بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً}.
ولا يمتنع عندهم تعديتها إلى المفعولين من غير توسط «أن» كما في البيت الشاهد الذي سبق (رقم ١٧٥) والبيت الذي أنشدناه في شرحه، خلافا لأبي عبيدة والأزهري.
(١) سورة المعارج، الآية: ٧، ورأى في هذه الآية الكريمة للدلالة على اليقين، وقد تأتي رأى بمعنى أبصر نحو «رأيت زيدا» أي أبصرته، وبمعنى أصاب رئته، وهي في هذين المعنيين تتعدى لواحد، وليست من أفعال القلوب، وذلك ظاهر إن شاء اللّه.
(٢) سورة محمد، الآية: ١٩، (القتال) وقد تعدى هذا الفعل في هذه الآية الكريمة إلى المفعولين بواسطة أن المؤكدة المشددة النون، وفي الآية التالية بغير واسطة، فدل ذلك على أن الأمرين جائزان.
(٣) سورة الممتحنة، الآية: ١٠، واعلم أمر ماضيه علم الدالة على اليقين، وهذا الفعل قد تعدى إلى المفعولين بغير واسطة كما هو ظاهر.
وقد تأتي علم بمعنى صار أعلم: أي مشقوق الشفة العليا، فتكون فعلا لازما، وتأتي بمعنى عرف فتتعدى إلى مفعول واحد، وسيذكرها المؤلف بعد قليل.
[١٧٧] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:
فعرّدت فيمن كان عنها معرّدا
ولم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين.
اللغة: «شبت» استعرت، وتوقدت، واضطرمت، واشتعلت، وتأججت «لظى الحرب» نارها وأوارها «صاليا» أراد داخلا في حومتها «عردت» أحجمت وفررت ونكلت وهربت، قال صاحب اللسان: «عرد الرجل عن قرنه، إذا أحجم ونكل، والتعريد:
الفرار، وقيل: التعريد: سرعة الذهاب في الهزيمة» اه.
الإعراب: «ظننتك» فعل ماض، وفاعله، ومفعوله الأول «إن» شرطية «شبت» شب: =