هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر، فتنصبهما مفعولين
  بالفتح(١)، وغيرهم يشترط شروطا، وهي: كونه مضارعا، وسوّى به السيرافي «قلت» بالخطاب، والكوفيّ «قل»، وإسناده للمخاطب، وكونه حالا، قاله الناظم، وردّ بقوله:
  [١٩٥] -
  فمتى تقول الدّار تجمعنا
= وفي آئب ضمير مستتر هو فاعله لأنه اسم فاعل «أهل» مفعول به لآئب لإشرابه معنى وأصل أو مدرك، وأهل مضاف و «بلدة» مضاف إليه، وأن مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر سد مسد مفعولي قال الذي بمعنى ظن، وجملة قال وفاعله ومفعوليه في محل جر بإضافة إذا إليها «وضعت» فعل وفاعل «بها، عنه» جاران ومجروران يتعلقان بوضع، والضمير المجرور محلّا بالباء يعود إلى البلدة، والضمير المجرور محلا بعن يعود إلى البعير الموصوف «الولية» مفعول به لوضع «بالهجر» جار ومجرور متعلق بوضع.
الشاهد فيه: قوله «قلت أني آئب» حيث أجرى قلت مجرى ظننت، ولم يحك به الجملة التي بعده، والدليل على ذلك أن الرواية وردت في هذا البيت بفتح همزة «أني» ولو أنه قصد الحكاية لكسر الهمزة كما وردت مكسورة في نحو قوله تعالى: {قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} فلما فتح الهمزة علمنا أنه عامل قلت معاملة «ظننت» من قبل أن الهمزة تفتح بعد ظننت، نحو قوله تعالى: {وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها} وقوله سبحانه: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ} وغير ما ذكرنا مما لا يحصى من الشواهد، والشيء إذا تضمن معنى الشيء يأخذ حكمه، نعني أنه لمّا تضمن قال معنى ظن، ومن حكم ظن أن تفتح الهمزة بعده، فتحت الهمزة بعد قال، هذا مع قصدهم إلى التفرقة بين قال التي تقصد بها الحكاية وقال التي يراد بها معنى ظن، فافهم ذلك واحرص عليه، واللّه المسؤول أن ينفعك به.
(١) أي بفتح همزة «أني».
[١٩٥] - هذا عجز بيت من الكامل، وصدره قوله:
أمّا الرّحيل فدون بعد غد
وهذا البيت من كلام عمر بن أبي ربيعة المخزومي، وهو من شواهد سيبويه.
اللغة: «الرحيل» الارتحال ومفارقة ديار الأحبة «دون بعد غد» أي قبل بعد الغد فإما اليوم وإما غدا «فمتى تقول الدار تجمعنا» يريد أي وقت بحسب ظنك وما يترجح عندك تجمعنا فيه دار واحدة، وليس الاستفهام على حقيقته، ولكنه يستبعد ذلك.
الإعراب: «متى» ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بتقول، وسيأتي في =