هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر، فتنصبهما مفعولين
  والحقّ أن متى ظرف لتجمعنا لا لنقول، وكونه بعد استفهام بحرف أو باسم، سمع الكسائي: «أتقول للعميان عقلا» وقال:
  [١٩٦] -
  علام تقول الرّمح يثقل عاتقي
[١٩٦] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:
إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت
والبيت من كلمة لعمرو بن معد يكرب الزبيدي، رواها أبو تمام في ديوان الحماسة.
اللغة: «علام» كلمة مؤلفة من حرف واسم، فالحرف على، والاسم ما الاستفهامية وقد حذفت ألفها كما تحذفها مع كل جار، نحو قوله تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها} وقوله جل ذكره: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ؟} وقوله سبحانه: {عَمَّ يَتَساءَلُونَ} للفرق بين الموصولة والاستفهامية، والاستفهام هنا عن سبب الظن المعبر عنه بتقول، ومن هنا تعلم أنه لا فرق بين أن يكون المستفهم عنه هو الظن وأن يكون المستفهم عنه شيئا يتصل بالظن كسببه ووقته وحصوله «تقول» أي تظن «يثقل عاتقي» روي في مكانه «يثقل كاهلي» «أطعن» تقول: طعن فلان فلانا بالرمح يطعنه - مثل منع يمنع أو نصر ينصر - طعنا، إذا ضربه به، فهو طاعن، والآخر مطعون أو طعين، فأما طعن فلان على فلان فمن باب فتح ومنع لا غير ومعناه جرحه ونال من عرضه.
المعنى: بأي حجة أحمل السلاح إذا كنت لا أقاتل به الأقران عند اشتداد البأس؛ يريد أنه إنما يتكلف مؤنة حمل السلاح ليضرب به أعداءه وينال منهم.
الإعراب: «علام» على: حرف جر، وما: اسم استفهام مبني على سكون الألف المحذوفة للتفرقة بين الخبر والاستخبار في محل جر، والجار والمجرور متعلق بتقول «تقول» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الرمح» مفعول أول لتقول منصوب بالفتحة الظاهرة «يثقل» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الرمح، والجملة من الفعل المضارع وفاعله في محل نصب مفعول ثان لتقول «عاتقي» عاتق: مفعول به ليثقل، منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وعاتق مضاف وياء المتكلم مضاف إليه.
الشاهد فيه: قوله: «تقول الرمح يثقل عاتقي» حيث استعمل فيه «تقول» بمعنى تظن، ونصب به مفعولين؛ أحدهما قوله «الرمح» وثانيهما جملة «يثقل عاتقي» على ما تبين لك من الإعراب. =