[أحكام الفاعل]
  الثاني: وقوعه بعد المسند، فإن وجد ما ظاهره أنه فاعل تقدّم وجب تقدير الفاعل ضميرا مستترا، وكون المقدّم إما مبتدأ في نحو: «زيد قام»، وإمّا فاعلا محذوف الفعل في نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ}(١) لأن أداة الشرط مختصة بالجمل الفعلية، وجاز الأمران في نحو: {أَ بَشَرٌ يَهْدُونَنا}(٢) و {أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ}(٣)، والأرجح الفاعلية(٤).
(١) سورة التوبة، الآية: ٦.
(٢) سورة التغابن، الآية: ٦.
(٣) سورة الواقعة، الآية: ٥٩.
(٤) ذكر المؤلف فيما ظاهره أنه فاعل تقدم ثلاث صور:
الأولى: ما يجعل فيه المقدم مبتدأ ليس غير، ومثل لذلك بنحو «زيد قام» فزيد - في هذا المثال ونحوه - مبتدأ، وقام: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى زيد، والجملة من الفعل وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ، والكلام جملة واحدة اسمية، وهذا الذي يفهمه كلامه أنه مذهب غير المبرد، وقد ذكروا في باب الاشتغال أن المبرد يجيز في هذا المثال ونحوه الوجهين، وهما أن يكون «زيد» مبتدأ كما قال الجمهور، والثاني أن يكون فاعلا بفعل محذوف يفسره المذكور بعده، وأصل الكلام: قام زيد قام زيد، فالكلام جملتان فعليتان ولا محل لواحدة منهما، أما الأولى فلكونها ابتدائية، وأما الثانية فلأنها مفسرة، وضابط هذه الصورة: أن يقع اسم مرفوع في أول الكلام ليس قبله شيء، وبعده فعل يحتاج إلى فاعل، ونقل المؤلف في باب الاشتغال ما ذكرناه من أن المبرد يرجح في هذا المثال كون الاسم المتقدم مبتدأ، ولا يوجب ذلك.
الصورة الثانية: ما يجعل فيه الاسم المتقدم فاعلا ليس غير، ومثّل لذلك بالآية الكريمة {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ ...} فأحد: فاعل بفعل محذوف يفسره استجارك الذي بعده، وأصل الكلام: وإن استجارك أحد استجارك، والكلام حينئذ جملتان على نحو ما ذكرناه في كلام المبرد في الصورة الأولى، ونظير هذا المثال: كل اسم مرفوع وقع بعد أداة تختص بالفعل كأدوات الشرط والتحضيض.
الصورة الثالثة: ما يجوز في الاسم المرفوع الوجهان: أن يكون فاعلا بفعل محذوف، وأصل الكلام حينئذ: أتخلقونه تخلقونه، فلما حذف الفعل انفصل الضمير، ويجوز أن =