هذا باب الفاعل
  وعن الكوفي جواز تقديم الفاعل، تمسّكا بنحو قول الزّبّاء:
  [٢٠١] -
  ما للجمال مشيها وئيدا
= يكون مبتدأ خبره (تخلقونه) الذي بعده، وضابط هذه المسألة: أن يكون الاسم المرفوع واقعا بعد أداة يجوز أن تدخل على الاسم وعلى الفعل كهمزة الاستفهام.
[٢٠١] - هذا بيت من الرجز المشطور ينسبه النحاة ورواة الشعر والأمثال إلى الزباء - كما نسبه المؤلف - وهي بنت عمرو بن الضرب من نسل العماليق، وكان أبوها قد ملك الجزيرة - والجزيرة: مصر قديم يقع بين دجلة والفرات - فغزاه جذيمة الأبرش، ففرق جموعه وقتله، فملكت الزباء بعد أبيها، فما زالت تحتال للأخذ بثأر أبيها حتى قتلت جذيمة في قصة يطول ذكرها (انظرها في مجمع الأمثال للميداني في شرح المثل: خطب يسير في خطب كبير) وبعد البيت المستشهد به قولها:
أجندلا يحملن أم حديدا ... أم صرفانا باردا شديدا
أم الرّجال جثّما قعودا
اللغة: «وئيدا» ثقيلا تصحبه تؤدة وبطء «أجندلا» الجندل - بزنة جعفر - الحجارة «صرفانا» بفتحات - النحاس والرصاص، وهو أيضا تمر رزين صلب عند المضغ «جثما» جمع جاثم، وهو اسم فاعل من جثم يجثم - من بابي دخل وجلس - إذا تلبد بالأرض «قعودا» جمع قاعد، ونظيره شاهد وشهود.
الإعراب: «ما» اسم استفهام مبتدأ، مبني على السكون في محل رفع «للجمال» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «مشيها» روي بالرفع، وأعربه الكوفيون فاعلا مقدما لوئيد، وضمير الجمال مضاف إليه «وئيدا» حال من الجمال منصوب بالفتحة الظاهرة، وستعرف إعراب البصريين للبيت وما فيه.
الشاهد فيه: قوله: «مشيها وئيدا» واعلم قبل كل شيء أن هذه العبارة تروى بثلاثة أوجه، أحدها رفع «مشيها»، وثانيها نصبه، وثالثها جره.
فأما رواية الجر فإعرابها على أن «مشيها» بدل من الجمال بدل اشتمال، وضمير الجمال مضاف إليه، و «وئيدا» حال من المشي.
وأما رواية النصب فإعرابها على أن «مشيها» مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره:
تمشي مشيها، و «وئيدا» حال من المصدر، وجملة الفعل المحذوف وفاعله في محل نصب حال من الجمال.
ولا شاهد في البيت لما نحن فيه على هاتين الروايتين.