أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الفاعل

صفحة 84 - الجزء 2

  {يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ}⁣(⁣١)، وقوله:

  [٢٠٤] -

  ليبك يزيد ضارع لخصومة


= عليه: اللّه خالقنا، مثلا - أنه قد ورد في مثل هذه العبارة فاعلا لفعل ملفوظ به في الكلام، وذلك نحو قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}، ومجيء الجواب على هذا الوجه أكثر من مجيئه بالجملة الاسمية، فالحمل عليه أولى.

(١) سورة النور، الآية: ٣٦، والداعي إلى تقدير فعل يكون (رجال) فاعلا له على هذه القراءة أنه لا يجوز أن يكون رجال نائب الفاعل ليسبح المبني للمجهول، لأن الرجال ليسوا مسبحين - بفتح الباء - وإنما هم مسبحون - بكسر الباء - فلما لم يصح أن يكون (رجال) نائب فاعل للفعل السابق لهذا المعنى، التمسنا له عاملا فلم نجد في الكلام عاملا يعمل فيه الرفع، ورأينا الكلام السابق يشعر بسؤال وكأنه لما قيل: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ} قال قائل: من المسبح؟ فأجيب (رجال) أي يسبحه رجال.

فإن قلت: فأين نائب فاعل (يسبح) المبني للمجهول، على هذه القراءة؟.

قلت: يجوز أن يكون نائب الفاعل أحد الجارين والمجرورين: إما (له) وإما (فيها) ولكن الأولى أن يكون (له) هو نائب الفاعل.

[٢٠٤] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:

ومختبط ممّا تطيح الطّوائح

وقد اختلف العلماء في نسبة هذا البيت؛ فنسب في كتاب سيبويه (١/ ١٤٥) إلى الحارث بن نهيك، ونسبه الأعلم الشنتمري في شرح شواهد الكتاب إلى لبيد بن ربيعة العامري، ونسبه جار اللّه الزمخشري إلى مزرد بن ضرار، ونسبه السيرافي إلى الحارث بن ضرار النهشلي، وأكثر العلماء على أنه لنهشل بن حري، وقد وجدت في ديوان لبيد (٥٠ طبع ليدن) قطعة فيها بيت الشاهد، وأولها قوله:

لعمري لئن أمسى يزيد بن نهشل ... حشا جدث تسفي عليه الرّوائح

لقد كان ممّن يبسط الكفّ بالنّدى ... إذا ضنّ بالخير الأكفّ الشّحائح

«حشا» أصل الحشا ما يكون في البطن، والجدث - بفتح الجيم والدال جميعا - القبر، وأراد أمسى مقبورا «تسفي» تقول: سفت الريح التراب تسفيه وأسفته، ومعناه أثارته وذرته «الروائح» أراد بها الرياح الشديدة، ويقولون: هذا يوم رائح، إذا اشتدت الريح فيه «يبسط الكف بالندى» الندى: الجود والكرم «ضن» بخل «الشحائح» جمع =