هذا باب الفاعل
  وأما وجوبه ففي مسألتين:
  إحداهما: أن يتّصل بالفاعل ضمير المفعول نحو: {وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ}(١) {يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ}(٢)، ولا يجيز أكثر النحويين نحو: «زان نوره الشّجر» لا في نثر ولا في شعر، وأجازه فيهما الأخفش وابن جنّي والطّوال وابن مالك، احتجاجا بنحو قوله:
  [٢٢٠] -
  جزى ربّه عنّي عديّ بن حاتم
= مقدرة على الألف «على قدر» جار ومجرور متعلق بأتى، وما المصدرية وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف يقع مفعولا مطلقا عامله جاء، وتقدير الكلام: جاء الخلافة إتيانا مثل إتيان موسى - الخ.
الشاهد فيه: قوله: «أتى ربه موسى» حيث قدم المفعول على الفاعل، وأعاد الضمير المتصل بالمفعول المتقدم - وهو قوله: «ربه» - على الفاعل المتأخر الذي هو قوله موسى، وأصل الكلام: كما أتى موسى ربه، فقدم المفعول على الفاعل فصار كما في البيت. ومثل هذا مما شاع في لسان العرب ولم يستأثر به قوم دون قوم، ولهذا لم يختلف النحاة في جوازه، وهذا الضمير - وإن عاد على متأخر في اللفظ - عائد على متقدم في الرتبة؛ لأن مرتبة الفاعل من الفعل سابقة على مرتبة المفعول منه، فافهم هذا واللّه ينفعك به.
(١) سورة البقرة، الآية: ١٢٤.
(٢) سورة غافر، الآية: ٥٢.
[٢٢٠] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:
جزاء الكلاب العاويات، وقد فعل
والبيت لأبي الأسود الدؤلي، يهجو عدي بن حاتم الطائي، وقد نسبه ابن جني إلى النابغة الذبياني، وهو انتقال ذهن من أبي الفتح، وسببه أن للنابغة الذبياني قصيدة هجاء على هذا الرويّ.
اللغة: «جزاء الكلاب العاويات» هذا مصدر تشبيهي، والمعنى جزاه اللّه جزاء مثل جزاء الكلاب العاويات، ويروى «الكلاب العاديات» - بالدال بدل الواو - وهو جمع عاد، والعادي: اسم فاعل من عدا يعدو، إذا ظلم وتجاوز قدره «وقد فعل» يريد أنه تعالى قد =