هذا باب الاشتغال
  إن التقدير: هذه خولان، وقال المبرد: الفاء لمعنى الشرط، ولا يعمل الجواب في الشرط، فكذلك ما أشبههما، وما لا يعمل لا يفسر عاملا؛ فالرفع عندهما واجب، وقال ابن السيّد وابن بابشاذ: يختار الرفع في العموم كالآية، والنصب في الخصوص، ك «زيدا اضربه».
= ثان للمبتدأ الذي هو أكرومة الحيين، وكأنه قد قال: وأكرومة الحيين خالية كشأنها المعروف لك، ويجوز أن تكون «ما» اسما موصولا مجرور المحل بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر ثان، وعليه يكون «هي» ضميرا منفصلا مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع، وخبر هذا المبتدأ محذوف، وجملة المبتدأ والخبر لا محل لها صلة الموصول، والعائد محذوف والتقدير: على الذي هي عليه.
الشاهد فيه: الاستشهاد بهذا البيت يستدعي أن نقرر لك مسألة، حاصلها أن العلماء قد اختلفوا في جواز دخول الفاء على خبر المبتدأ الذي هو خاص كأسماء الأعلام، فأما سيبويه فذهب إلى أنه لا يجوز؛ لأن الفاء إنما تدخل على خبر المبتدأ بالشرط وشبه الخبر بالجواب، ووجه الشبه بين الشرط والمبتدأ هو العموم؛ فإذا زال الشبه لم تتحقق علة الجواز، وذهب الأخفش إلى جواز ذلك مستدلا بوروده في كلام العرب: فمن ذلك البيت الذي معنا، ومن ذلك قول عدي بن زيد العبادي:
أرواح مودّع أم بكور ... أنت فانظر لأيّ ذاك تصير
ومن ذلك قول الراجز، وأنشده أحمد بن يحيى ثعلب:
يا ربّ موسى، أظلمي وأظلمه ... فاصبب عليه ملكا لا يرحمه
فزعم الأخفش أن «خولان» مبتدأ، وجملة «فانكح» خبره، وأن «أنت» في بيت عدي مبتدأ، وجملة «فانظر» خبر، وأن «أظلمي» في البيت الذي أنشده ثعلب أفعل تفضيل مضاف لياء المتكلم مبتدأ، وجملة «فاصبب عليه ملكا» خبره ولكن سيبويه خرج هذه الأبيات على خلاف ما خرجها عليه الأخفش؛ فجعل «خولان» خبرا لمبتدأ محذوف والتقدير «هذه خولان» وقوله «فانكح فتاتهم» جملة أخرى، وقول عدي «أنت» يجوز أن يكون خبرا حذف مبتدؤه على نحو ما في البيت السابق، ويجوز أن يكون مبتدأ حذف خبره، والتقدير: أنت هالك، مثلا، ويجوز أن يكون فاعلا لفعل محذوف يفسره ما بعده، وأصل الكلام: انظر (أنت) فانظر، فهذا الضمير كان مستترا، فلما حذف الفعل برز وانفصل. وقول الثالث (أظلمي) يجوز تخريجه على نحو من هذه التخريجات؛ وبعد فانظر شرحنا على شواهد الأشموني فإن فيه فوق المقنع والكفاية.