أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الاشتغال

صفحة 150 - الجزء 2

  الرابعة: أن يقع الاسم بعد عاطف غير مفصول بأمّا، مسبوق بفعل غير مبني على اسم، ك «قام زيدا وعمرا أكرمته» ونحو: {وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ}⁣(⁣١) بعد:

  {خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ}⁣(⁣٢) بخلاف نحو: «ضربت زيدا، وأمّا عمرو فأهنته» فالمختار الرفع؛ لأن «أمّا» تقطع ما بعدها عما قبلها، وقرئ: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ}⁣(⁣٣) بالنصب على حد «زيدا ضربته»، وحتى ولكن وبل كالعاطف، نحو:

  «ضربت القوم حتّى زيدا ضربته»⁣(⁣٤).

  الخامسة: أن يتوهم في الرفع أن الفعل صفة، نحو: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ}⁣(⁣٥)، وإنما لم يتوهم ذلك مع النصب، لأن الصفة لا تعمل في الموصوف، وما لا يعمل لا يفسر عاملا.


= كانت ظرفية غير شرطية لم يكن لدخول الفاء في الفعل بعدها وجه؛ لأن يوهم كونها شرطية.

(١) سورة النحل، الآية: ٥.

(٢) سورة النحل، الآية: ٤.

(٣) سورة فصلت، الآية: ١٧.

واعلم أنه قرئ في هذه الآية الكريمة بنصب (ثمود) بغير تنوين، وهي قراءة الحسن البصري، وقرئ فيها بالنصب مع التنوين، وهي قراءة ابن عباس ثم اعلم أنه لا يجوز لك أن تقدر الفعل المحذوف قبل «أما» لأن ذلك يستدعي الفصل بين أما والفاء بجملة تامة، وهي لا يفصل بينها وبين الفاء إلا بمفرد، فالتقدير: أما ثمود فهدينا فهديناهم.

(٤) إنما ترجح النصب في المسألة الرابعة لأن الجملة السابقة فعلية، بدليل أنهم ضبطوها بألا يكون الفعل مبنيا على اسم، وعلى هذا يكون النصب بتقدير فعل، فتكون الجملة الثانية فعلية أيضا، وتكون الواو قد عطفت جملة فعلية على جملة فعلية، فأما إذا رفعت الاسم المشغول عنه فإنه يكون مبتدأ، فتكون الجملة اسمية، فتعطف الواو جملة اسمية على جملة فعلية، فلا يحصل التشاكل بين المعطوف والمعطوف عليه، والتشاكل بين المتعاطفين أولى، ولهذا كان النصب أرجح، ولما لم يكن التشاكل بين المتعاطفين واجبا لم يجب النصب، ولهذا الذي ذكرناه لو فصل بين حرف العطف والاسم المشغول عنه بأما وجب الرفع، لأن من شأن «أما» أن تقطع ما بعدها عما قبلها فيكون ما بعدها كأنه أول الكلام، وسببه أنها وضعت وضع الحروف التي يبتدأ بها الكلام.

(٥) سورة القمر، الآية: ٤٩.