[فصل: يجوز حذف ناصب المفعول إن علم، وقد يجب حذفه]
= الشرط الأول: أن يكون بين العاملين ارتباط، فلا يجوز أن نقول «قام قعد أخوك» إذ لا ارتباط بين الفعلين.
ويحصل الارتباط بين العاملين بواحد من ثلاثة أشياء:
الرابط الأول: عطف ثانيهما على أولهما بحرف من حروف العطف نحو أن تقول: «قام وقعد أخوك».
الرابط الثاني: كون أولهما عاملا في ثانيهما نحو قوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً} المعمولان هما ظنوا وظننتم، والمعمول المتنازع فيه هو (أن لن يبعث اللّه أحدا) و (كما ظننتم) معمول لظنوا لأن الجار والمجرور صفة لمصدر يقع مفعولا مطلقا ناصبه ظنوا، والتقدير: ظنوا ظنا مماثلا لظنكم أن لن يبعث اللّه أحدا.
الرابط الثالث: أن يكون ثاني العاملين جوابا للأول، نحو قوله تعالى: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً} ونحو قوله سبحانه: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ}.
وأوجب الجرمي الارتباط بالعطف ليس غير.
الشرط الثاني: أن يكون العاملان متقدمين على المعمول، فليس من التنازع عند جمهرة النحاة نحو قولك «زيد قام وقعد» ولا نحو قولك «زيدا لقيت وأكرمت» لتقدم المعمول في هذين المثالين، وليس من التنازع عندهم نحو قولك: «قعد زيد وتكلم بخير» ولا نحو قولك «لقيت زيدا وأكرمت» لتوسط المعمول بين العاملين بل إن تقدم المعمول على العاملين جميعا فإما أن يكون هذا المعمول مرفوعا كالمثال الأول من مثالي التقدم، وإما أن يكون منصوبا كالمثال الثاني من المثالين، فإن كان المعمول مرفوعا فلا عمل للواحد من العاملين فيه، بل كل واحد من العاملين عامل في ضميره، وإن كان المعمول منصوبا فالعامل فيه أول العاملين، والعامل الثاني إما أن يكون عاملا في ضميره وإما ألا يكون له معمول أصلا، وإن توسط المعمول بين العاملين فهو معمول للعامل السابق عليه منهما، وللعامل المتأخر عنه معمول محذوف يدل عليه المذكور.
الشرط الثالث: أن يكون كل واحد من العاملين بحيث يصح أن يوجه إلى ذلك المعمول من غير فساد في اللفظ ولا في المعنى، فيخرج بذلك نحو قول الشاعر:
فأين إلى أين النجاة ببغلتي ... أتاك أتاك اللّاحقون احبس احبس
لأنه ليس كل واحد من «أتاك أتاك» موجها إلى قوله: «اللاحقون» إذ لو توجه كل واحد منهما إليه لوجب أن يعمل أحدهما في لفظ «اللاحقون» ويعمل الآخر في ضميره، فكان يقول على إعمال الأول في اللفظ والإضمار في الثاني «أتاك أتوك اللاحقون» =