هذا باب التنازع في العمل
  بل: «غريمها» مبتدأ، و «ممطول» و «معنّى» خبران، أو «ممطول» خبر، و «معنّى» صفة له، أو حال من ضميره.
  ولا يمتنع التنازع في نحو: «زيد ضرب وأكرم أخاه» لأن السببيّ منصوب.
= علمت أنه خبر عن المبتدأ الذي هو عزة، وإذا كان رافعا لضمير الغريم لا يكون مرتبطا بالمبتدأ، فكان يجب أن يبرز الضمير؛ لأن الخبر إذا جرى على غير من هو له وجب إبراز الضمير الذي أصله أن يكون مستترا فيه - على ما هو مذهب البصريين كما تقدم مشروحا في باب المبتدأ والخبر - فكان يجب أن يقول: وعزة ممطول هو معنّى غريمها، أو يقول: وعزة ممطول معنّى هو غريمها.
ولهذا خرج ابن مالك هذا البيت على عدة تخريجات كل واحد منها يخرجه عن باب التنازع:
الأول: أن يكون «ممطول» خبرا مقدما، و «معنّى» خبرا ثانيا مقدما، و «غريمها» مبتدأ مؤخرا، والجملة خبر المبتدأ السابق الذي هو عزة، وهذا هو الذي أعربنا عليه البيت؛ فالاسمان المتقدمان ليسا عاملين؛ لأنهما خبران، والمؤخر ليس معمولا لأنه مبتدأ، وأنت تعلم أن الخبر ليس عاملا في المبتدأ عند جمهرة النحاة، بل الاسم المتأخر هو العامل في الاسمين، كما هو الراجح من أن المبتدأ عامل الرفع في الخبر.
الثاني: أن يكون «عزة» مبتدأ، و «ممطول» خبره، و «معنّى» حال من غريمها، و «غريمها» نائب فاعل لممطول، فلم يتقدم في الكلام عاملان، بل المقدم الطالب للمتأخر عامل واحد هو ممطول.
الثالث: أن يكون «عزة» مبتدأ، و «ممطول» خبره، و «معنّى» صفة لممطول، و «غريمها» نائب فاعل لممطول؛ فالمتقدم الطالب لمتأخر أيضا - على هذا التوجيه - عامل واحد هو ممطول، فليس من باب التنازع.
لكن هذا الذي ذهب إليه ابن مالك غير مستقيم، أما أولا فلأنه أجاز التنازع في السببي المنصوب، ومن أمثلته قولك «زيد ضربت وأكرمت أخاه» وهذا المثال يأتي فيه ما قاله في بيت كثير، فتجويز هذا ومنع ذاك من التحكم، وأما ثانيا فلأنه يجوز أن يكون «غريمها» مرفوعا بالعاملين جميعا على ما هو مذهب الفراء، ويجوز أن يكون أحد الوصفين رافعا للغريم والثاني رافعا لضميره كما يقول البصريون، ولكنه لم يبرز الضمير لظهور المراد، وفي هذا القدر كفاية. =