أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المستثنى

صفحة 221 - الجزء 2

  وفعلان وهما: «ليس»⁣(⁣١)، و «لا يكون».

  ومتردّدان بين الفعلية والحرفية، وهما: «خلا» عند الجميع، و «عدا» عند غير سيبويه.

  واسمان وهما: «غير» و «سوى» بلغاتها، فإنه يقال: سوى كرضى، وسوى كهدى، وسواء كسماء، وسواء كبناء، وهي أغربها.


= المذهب الثالث - وهو مذهب جمهور الكوفيين - أنها فعل دائما تنصب ما بعدها، ولا تكون حرفا يجر ما بعده، قالوا: لأنا رأينا العرب تتصرف فيها فتقول أحيانا: حشا، وتقول أحيانا أخرى: حاش، والحروف ليست محل تصرف بإجماع منا ومنكم، فلا تكون حاشا حرفا، فإذا ورد ما بعدها مجرورا فهو مجرور بحرف جر حذف وبقي عمله، والجواب على هذا أنا نسلم أنها حين يتصرف فيها لا تكون حرفا، لكن هذا لا ينفع، لأنا نقول: إنها تكون حينئذ فعلا، وتكون حرفا حين يكون ما بعدها مجرورا، ومتى كان السماع قد جاء بالحالين فنحن أحرياء بأن نقول: إنها تأتي على وجهين، ودليلكم الذي ذكرتموه ينفي الحرفية، لكنه لا يثبت الفعلية، فكم من الأفعال التي لم تتصرف، ولم يكن عدم تصرفها كافيا في نفي فعليتها، ونحن نستدل على حرفيتها في بعض الأحيان بمجيء الاسم مجرورا بها، وباتصاله بياء المتكلم من غير نون الوقاية، ولو كان فعلا لاقترن بنون الوقاية مع ياء المتكلم البتة.

وحاصل هذا الكلام أن سيبويه لم يرو عن العرب إلا الجر بحاشا فجعلها حرف جر، وأن جمهور الكوفيين وجمهور البصريين رووا الجر بها، ورووا النصب أيضا، فجعلها البصريون نوعين تكون فعلا في أحدهما فينصب ما بعده على أنه مفعول به، وفي الثاني حرف جر، وجعلها الكوفيون نوعا واحدا، وهو فعل ينصب ما بعده، فإن انجر ما بعده فإن انجراره يكون على تقدير حرف جر قد حذف وبقي عمله.

(١) القول بأن (ليس) فعل هو مذهب الجمهور، وفيه مذهبان آخران، أحدهما مذهب أبي علي الفارسي - وتبعه عليه أبو بكر بن شقير - وحاصله أن (ليس) حرف دائما، وقد سبق في أول هذا الكتاب الاستدلال على بطلان هذا الرأي بأنها تقترن بها علامات الأفعال كتاء التأنيث الساكنة في نحو (ليست هذه بمفلحة) وتاء الفاعل في نحو (لست، ولستما، ولستم، ولستن) وثاني المذهبين أنها في الاستثناء حرف ناصب للمستثنى بمنزلة إلا، وهي في غير الاستثناء فعل.