أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[أحوال الاسم الواقع بعد إلا وحكمه]

صفحة 223 - الجزء 2


= الموضوع ثمانية أقوال:

الأول: أن الناصب لهذا الاسم هو (إلا) نفسها، وحدها، وإلى هذا الرأي ذهب ابن مالك صاحب الألفية، وعبارته في النظم تدل على ذلك، حيث يقول في مطلع الباب:

(ما استثنت إلا مع تمام ينتصب) ويقول بعد أبيات: (وألغ إلا ذات توكيد) وذكر ابن مالك أن هذا رأي سيبويه والمبرد.

والقول الثاني: أن الناصب هو تمام الكلام، ومثل هذا انتصاب التمييز كانتصاب درهم في قولك: (أعطيته عشرين درهما) مثلا.

والقول الثالث: أن الناصب هو الفعل المتقدم على (إلا) لكن بواسطة إلا، وينسب هذا إلى السيرافي والفارسي وابن الباذش، وضعف العلماء هذا الرأي بأنه قد لا يكون في الكلام فعل أصلا، كما تقول (القوم إخوتك إلا زيدا).

والقول الرابع: أن الناصب هو الفعل السابق بغير واسطة إلا، وإلى هذا ذهب ابن خروف، وضعفوه بمثل ما ضعفوا به رأي الفارسي ومن معه.

والقول الخامس: أن الناصب فعل محذوف يقدر من معنى إلا، مثل أستثني، وإلى هذا ذهب الزجاج.

والقول السادس: أن الناصب هو مخالفة ما بعد إلا لما قبلها، ويحكى هذا عن الكسائي.

والقول السابع: أن الاسم المنصوب يقع اسما لأن - بتشديد النون - مؤكدة محذوفة وخبرها محذوف أيضا، وتقدير (قام القوم إلا زيدا) قام القوم إلا أن زيدا لم يقم، وقد حكي هذا القول عن الكسائي، وهو تكلف لا مقتضى له.

والقول الثامن: أن (إلا) مركبة من (إن) المؤكدة ولا العاطفة، ثم خففت (إن) بحذف أحد نونيها، ثم أدغمت في لا، فإذا انتصب ما بعدها فذلك من أجل تغليب حكم إن، وإذا لم ينتصب فمن أجل تغليب حكم لا العاطفة، ونسب هذا القول إلى الفراء، وهو أشد تكلفا من سابقه.

وأما الأمر الثاني: فإن حاصله أن القول بوجوب نصب المستثنى بإلا بعد الكلام التام الموجب هو رأي جمهرة النحاة، وحكى ابن مالك عن ابن عصفور - وتابعه أبو حيان - أن النصب جائز غالب لا واجب، وأجاز الرفع، وخرج على هذا حديثا رواه الدارقطني «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا امرأة أو مسافر أو عبد أو مريض» برفع ما بعد إلا وما عطف عليه، وعلى هذا تحمل قراءة من قرأ فشربوا منه إلا قليل