هذا باب المستثنى
  وإن كان الاستثناء منقطعا: فإن لم يمكن تسليط العامل على المستثنى وجب النصب اتفاقا، نحو: «ما زاد هذا المال إلّا ما نقص» إذ لا يقال زاد النقص، ومثله:
  «ما نفع زيد إلّا ما ضرّ» إذ لا يقال نفع الضرّ.
  وإن أمكن تسليطه فالحجازيون يوجبون النّصب، وعليه قراءة السبعة: {ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ}(١)، وتميم ترجّحه وتجيز الاتباع، كقوله:
  [٢٦١] -
  وبلدة ليس بها أنيس ... إلّا اليعافير وإلّا العيس
= هذا الموضوع ثلاثة آراء.
الرأي الأول: أنه يجب في هذه الحالة نصب المستثنى، وهذا المذهب يجعل حكم تقديم المستثنى على وصف المستثنى منه كتقديم المستثنى على نفس المستثنى منه، وهذا الرأي نسبه ابن الخباز إلى المازني، ولكن المحققين أنكروا على ابن الخباز هذا النقل.
والرأي الثاني: أنه يكون نصب المستثنى في هذه الحالة راجحا على اتباع المستثنى للمستثنى منه، فلم يعط المستثنى في هذه الحالة حكم المستثنى المتقدم على المستثنى منه نفسه، ولم يعط حكم المستثنى المتأخر على المستثنى منه، وهذا الرأي هو ما حكاه الأثبات - ومنهم المؤلف - عن المازني، وهو ما اختاره المبرد أيضا فيما ذكره ابن مالك في شرح كافيته.
والرأي الثالث: أنه لا يترجح المستثنى في هذه الحالة، ولا يترجح اتباعه للمستثنى منه، بل يستوي الأمران، وأصحاب هذا الرأي نظروا إلى الأمرين جميعا: أن المستثنى منه متقدم على المستثنى، وأن صفة المستثنى منه متأخرة عن المستثنى، فأعطوا كل واحد من الأمرين لمحة من النظر، فلما وجدوا كل واحد من هذين الأمرين يقتضي حكما يخالف الحكم الذي يقتضيه الآخر، أعطوا هذه الصورة حكما متوسطا، قال ابن مالك) (وعندي أن النصب والبدل عند ذلك مستويان، لأن لكل واحد منهما مرجحا، فتكافآ) اه.
(١) سورة النساء، الآية: ١٥٧.
[٢٦١] - هذا البيت قطعة من الرجز لعامر بن الحارث، المعروف بجران العود، وهذه رواية النحاة، وهي غير الوارد في ديوانه.
اللغة: (اليعافير): جمع يعفور، وهو ولد البقرة الوحشية، والعيس: جمع أعيس أو =