أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المستثنى

صفحة 230 - الجزء 2


= عيساء، وهي الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة.

الإعراب: (وبلدة) الواو واو رب، بلدة: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد (ليس) فعل ماض ناقص (بها) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ليس تقدم على اسمه (أنيس) اسم ليس تأخر عن خبره مرفوع بالضمة الظاهرة (إلا) أداة استثناء حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب (اليعافير) بدل من أنيس، وبدل المرفوع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وستعرف وجهه في بيان الاستشهاد بالبيت (وإلا) الواو حرف عطف، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، إلا: حرف زائد للتأكيد مبني على السكون لا محل له من الإعراب (العيس) معطوف بالواو على اليعافير، والمعطوف على المرفوع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله (إلا اليعافير) فإن ظاهره أنه استثناء منقطع تقدم فيه المستثنى منه، فكان ينبغي انتصابه على المشهور من لغات العرب وهي لغة أهل الحجاز، إلا أنه ورد مرفوعا، وقد وجهه سيبويه | ليوافق المشهور بوجهين:

الأول: أنه جعله كالاستثناء المفرغ، وجعل ذكر المستثنى منه مساويا في هذه الحال لعدم ذكره، من جهة أن المعنى على ذلك، فكأنه قال: ليس بها إلا اليعافير.

والوجه الثاني: أنه توسع في معنى المستثنى حتى جعله نوعا من المستثنى منه، وكأن من قال: ليس فيها أحد إلا حمار، قد جعل الحمار إنسان هذه الدار، فحمله على المحمل الذي يحمل عليه الاستثناء المتصل، كما جعل الشاعر الضرب الوجيع نوعا من التحية في قوله:

وخيل قد دلفت لها بخيل ... تحيّة بينهم ضرب وجيع

وكما جعلوا السيف ضربا من العتاب في قولهم: (عتابه السيف) وليس هذا الكلام على التشبيه، فإن من قال: (تحية بينهم ضرب وجيع) لا يريد أن يشبه التحية بالضرب، ومن قال: (عتابه السيف) لا يريد أن يشبه العتاب بالسيف، وآية ذلك أنك لو قلت:

(تحيتهم كالضرب) و (عتابه كالسيف) كان كلاما غثا لا محصل له، وإنما يريد قائل ذلك أن يجعل التحية أنواعا، ويجعل الضرب الوجيع نوعا منها، ويريد الآخر أن يجعل العتاب أنواعا، ويجعل السيف نوعا منه، وهذا يقرب لك التوسع الذي ذكره سيبويه حتى جعل اليعافير والعيس نوعا من الأنيس، والتوسع الذي ذكره المازني حتى جعل الأنيس عاما يشمل الإنسان ويشمل اليعافير والعيس. =