أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المستثنى

صفحة 231 - الجزء 2

  وحمل عليه الزمخشريّ {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}⁣(⁣١)


= ونظير بيت الشاهد قول النابغة الذبياني في داليته الطويلة:

وقفت فيها أصيلا كي أسائلها ... عيّت جوابا، وما بالرّبع من أحد

إلّا أواريّ لأيا ما أبيّنها ... والنّؤي كالحوض بالمظلومة الجلد

وقول ضرار بن الأزور الأسدي الصحابي:

عشيّة لا تغني الرّماح مكانها ... ولا النّبل إلّا المشرفيّ المصمّم

وقد ذكر فيه أبو سعيد السيرافي - نقلا عن المازني - تخريجا ثالثا، قال: (رفع المستثنى عند بني تميم في هذا على تأويلين ذكرهما سيبويه، وقال المازني: إن فيه وجها ثالثا، وهو أنه خلط ما يعقل بما لا يعقل فعبر عن جماعة ذلك بأحد، ثم أبدل حمارا من لفظ مشتمل عليه وعلى غيره) اه.

والفرق بين هذا الوجه الذي نقله أبو سعيد عن المازني والوجه الثاني في كلام سيبويه:

أن التوسع الذي عند سيبويه واقع في البدل، فقد تجوز المتكلم في المستثنى حتى جعله من جنس المستثنى منه، لمعنى فيه عنده، والمستثنى منه باق عنده على معناه الأول، ففي بيت الشاهد جعل اليعافير والعيس من جنس الأنيس، وأما التوسع الذي في كلام المازني ففي المستثنى منه، فإنه جعل الأنيس بمعنى أعم من معناه الأول حتى صار يشمل المستثنى، فصار الكلام كأنه استثناء متصل بعد كلام منفي.

والحاصل أن لإبدال المستثنى من المستثنى منه عند بني تميم ثلاثة تخريجات: اعتبار المستثنى منه كأنه غير موجود، وكأن الاستثناء مفرغ، والتوسع في المستثنى، والتوسع في المستثنى منه، وكأن الاستثناء على هذين استثناء متصل.

(١) سورة النمل، الآية: ٦٥، وحاصل إعراب الزمخشري أنه يجعل (من) اسما موصولا في محل رفع فاعل يعلم، والغيب: مفعولا به ليعلم، ولفظ الجلالة بدلا من (من) الموصولة، وهو استثناء منقطع؛ لأن المستثنى - وهو لفظ الجلالة - ليس من جنس المستثنى منه، لأن اللّه تعالى لا يحويه مكان، و {مَنْ فِي السَّماواتِ} يدل على أن المقصودين مستقرون في السماوات والأرض.

وقد اعترض العلماء على هذا التخريج بأن القراءة في هذه الآية برفع لفظ الجلالة قراءة =