[«غير» أصلها، والاستثناء بها]
  الثاني، ومحتمل لهما على الثالث، ولك في معرفة المتحصّل على القول الثاني طريقتان، إحداهما: أن تسقط الأول وتجبر الباقي بالثاني وتسقط الثالث، وإن كان معك رابع فإنك تجبر به، وهكذا إلى الأخير. والثانية: أن تحطّ الآخر مما يليه، ثم باقيه مما يليه، وهكذا إلى الأول.
[«غير» أصلها، والاستثناء بها]
  فصل: وأصل(١) «غير» أن يوصف بها إما نكرة، نحو: {صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا
(١) فإن قلت: فكيف تقع (غير) نعتا، وهي اسم جامد، وقد قلتم: إن النعت لا يكون إلا مشتقا أو مؤولا بالمشتق؟
فالجواب: أن (غير) - وإن كانت اسما جامدا - مؤولة بالمشتق لأنها في معنى اسم الفاعل، فإن قولك: (زيد غير عمرو) معناه كمعنى قولك (زيد مغاير لعمرو) فصح الوصف بها لذلك السبب.
فإن قلت: فهل تتعرف (غير) بإضافتها إلى المعرفة، أم لا تتعرف وإن أضيفت إلى المعرفة؟
فالجواب على ذلك أن للنحاة في هذا الموضوع خلافا، وحاصل هذا الخلاف أن لهم ثلاثة آراء، الرأي الأول: أنها لا تتعرف أصلا لأنها متوغلة في الإبهام، والرأي الثاني أنها تتعرف بالإضافة إلى المعرفة، مطلقا، والرأي الثالث: التفصيل بين أن تقع بين اسمين متضادين ولا واسطة بينهما، فيكون أول الاسمين موصوفا بها وتكون هي مضافة إلى ثانيهما، نحو قولك: (الحركة غير السكون) وأن تقع بين اسمين غير متضادين نحو قولك: (الذهب غير الحجر) أو تقع بين اسمين متضادين ولكن ثمة واسطة بينهما نحو قولك: (الأبيض غير الأسود) فالأبيض والأسود متضادان ولكن ثمة لونا غير الأسود وغير الأبيض كالأحمر والأزرق مثلا، فإذا وقعت بين اسمين متضادين ولا واسطة بينهما تعرفت بالإضافة إلى المعرفة، ولك أن تحمل آية الفاتحة على هذا، وعلى ذلك يكون {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} نعتا للذين في قوله سبحانه: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وتكون المعرفة قد وصفت بالمعرفة، فإن جريت على القول بأن (غير) لا تتعرف أصلا لزمك أن تجعل {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} بدلا من قوله: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} والنكرة تبدل من المعرفة بدون نكير، وأما الآية الأولى التي تلاها المؤلف - وهي قوله سبحانه: {صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} فإن جريت على القول =