[المستثنى بسوى]
= الرأي الثاني - وهو رأي الرماني وأبي البقاء العكبري - وحاصله أن (سوى) تستعمل ظرفا منصوبا على الظرفية، وتستعمل اسما غير ظرف، إلا أن استعمالها ظرفا أكثر من استعمالها غير ظرف. وقد ارتضى المؤلف هذا الرأي، ولذلك تراه يقول: (وإلى مذهبهما اذهب).
الرأي الثالث - وهو رأي جمهور الكوفيين، وتبعهم ابن مالك - وحاصله أن (سوى) تستعمل ظرفا، وتستعمل اسما غير ظرف، وأن الاستعمالين سواء، ليس أحدهما أكثر من الثاني، وليس أحدهما ضرورة ولا خاصا بالشعر، واستدل هؤلاء بثلاثة أدلة:
الأول: أن أهل اللغة قد أجمعوا على أن قول القائل: (قاموا سواك) وقوله: (قاموا غيرك) بمعنى واحد.
الثاني: أنه لم يقل واحد من أهل اللغة أن سوى عبارة عن مكان أو زمان، حتى تكون ظرفا، وإنما تأولها البصريون بمعنى بدلك، ثم جعلوا بدلك بمعنى مكانك فحكموا بمقتضى هذا التأويل عليها بأنها ظرف.
الثالث: أن الواقع في كلام العرب نثرا ونظما في عدد عديد من الشواهد يخالف ملازمتها للنصب على الظرفية، فقد جاءت مجرورة بحرف الجر، ومجرورة بالإضافة، وقد وقعت مرفوعة بالابتداء، ومرفوعة على الفاعلية، وجاءت معمولة لنواسخ الابتداء، ووقعت في غير ذلك من مواقع الإعراب.
فمن وقوعها مجرورة بحرف الجر قوله ﷺ: «ما أنتم في سواكم من الأمم إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود» وقوله صلوات اللّه وسلامه عليه: «دعوت ربي ألا يسلط على أمتي عدوا من سوى أنفسها» ومن ذلك قول المرار العقيلي:
ولا ينطق الفحشاء من كان منهم ... إذا جلسوا منّا ولا من سوائنا
ومن ذلك قول الأعشى:
تجانف عن جوّ اليمامة ناقتي ... وما قصدت من أهلها لسوائكا
ومن وقوعها مجرورة بالإضافة قول الشاعر:
فإنّني والّذي يحجّ له ال ... نّاس بجدوى سواك لم أثق
ومن وقوعها مرفوعة بالابتداء قول محمد بن عبد اللّه بن مسلمة - وهو من شعراء الحماسة:
وإذا تباع كريمة أو تشترى ... فسواك بائعها وأنت المشتري
=