أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[للحال أربعة أوصاف]

صفحة 260 - الجزء 2

[أولها: الانتقال، وتقع لازمة في ثلاث مسائل]

  أحدها: أن تكون منتقلة⁣(⁣١) لا ثابتة، وذلك غالب، لا لازم، ك «جاء زيد ضاحكا».

  وتقع وصفا ثابتا⁣(⁣٢) في ثلاث مسائل:

  إحداها: أن تكون مؤكّدة، نحو: «زيد أبوك عطوفا» و {يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}⁣(⁣٣).

  الثانية: أن يدلّ عاملها على تجدّد صاحبها⁣(⁣٤)، نحو: «خلق اللّه الزّرافة يديها


= الباب (الحال نوعان: مؤكدة وستأتي، ومؤسسة وهي - إلخ) ثم عرفها، ولو كان غرضه ما توهمه المتوهم لما صح أن يجعل من الثابتة المؤكدة لمضمون جملة، لأنه يكون من تقسيم الشيء إلى نفسه وغيره، وهو لا يجوز، لكن إذا كان الغرض هنا - كما قلنا - هو الحال من حيث هي لم يرد ذلك الكلام، فتأمل ذلك.

(١) إنما كان الأصل في الحال أن تكون متنقلة: أي تفارق صاحبها ويكون متصفا بغيرها لأن لفظ الحال نفسه ينبئ عن ذلك ويدل عليه، أفلا ترى أن الحال والتحول - الذي هو الانتقال - من مادة واحدة؟ وفي المثال الذي ذكره المؤلف للحال المتنقلة تجد الضحك يزايل زيدا ويفارقه فيكون متصفا بصفة أخرى غيره، سواء أكانت هذه الصفة الأخرى مضادة للحال كالبكاء أم لم تكن مضادة كالركوب.

(٢) المراد بالثبات اللزوم وعدم المفارقة، بدليل مقابلتها بالمتنقلة وتفسيرهم الانتقال بكونها تفارق صاحبها، ثم إن اللزوم يكون بسبب وجود علاقة بين الحال وبين صاحبها أو عاملها، عقلا، أو عادة، أو طبعا، وإن لم تكن في نفسها دائمة، وقد مثل المؤلف للحال الثابتة في المسألة الأولى بمثالين، الأول للحال المؤكدة لمضمون جملة قبلها، وهو (زيد أبوك عطوفا)، والأبوة من شأنها العطف، والثاني للحال المؤكدة لعاملها وهو قوله تعالى {يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} والبعث من لازمه الحياة، وبقي عليه نوع ثالث وهي الحال المؤكدة لصاحبها، ومثال ذلك قوله تعالى {لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} فإن جميعا مؤكد لمن؛ لأن من لفظ من الألفاظ الدالة على العموم، والعموم يقتضي الاجتماع، فكل واحد من هذه الأنواع الثلاثة مستفاد مما قبله، لهذا كانت الحال مؤكدة.

(٣) سورة مريم، الآية: ٣٣.

(٤) الدال على التجدد في هذا المثال هو قولهم (خلق) فإنه يدل على تجدد المخلوق وحدوثه، وخلق هو العامل في الحال وفي صاحبها، وبقي في هذا النوع قسم آخر =