أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الحال

صفحة 306 - الجزء 2

  إنّ «لا» ناهية والواو للحال، والصواب أنها عاطفة مثل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً}⁣(⁣١).

  الثاني: أن تكون غير مصدّرة بدليل استقبال، وغلط من أعرب {سَيَهْدِينِ} من قوله تعالى: {إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ}⁣(⁣٢) حالا.

  الثالث: أن تكون مرتبطة، إما بالواو والضمير، نحو: {خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ}⁣(⁣٣)، أو بالضمير فقط، نحو: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}⁣(⁣٤)، أي:

  متعادين، أو بالواو فقط، نحو: {لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ}⁣(⁣٥).

  وتجب الواو قبل «قد»⁣(⁣٦) داخلة على مضارع، نحو: {لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ


(١) سورة النساء، الآية: ٣٦.

(٢) سورة الصافات، الآية: ٩٩.

(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٤٣.

(٤) سورة البقرة، الآية: ٣٦.

(٥) سورة يوسف، الآية: ١٤.

(٦) هذا أحد موضعين يجب في كل منهما ربط الجملة الواقعة حالا بالواو، وخلاصته أن جملة الحال إن كانت فعلية فعلها مضارع مثبت مقرون بقد وجب أن يكون الرابط لها بصاحب الحال هو الواو، وشاهده الآية الكريمة التي تلاها المؤلف، فلا يذهبن بك الوهم إلى أنه يجب في الجملة المضارعية أن تقترن بقد وأن تسبقها الواو، فقد وردت الجملة المضارعية المثبتة حالا من غير (قد) والواو جميعا في أفصح الكلام، وذلك قوله تعالى: {وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ} ومن أمثلتهم (جاء زيد يضحك).

والخلاصة أن الجملة الفعلية التي فعلها مضارع مثبت إن وقعت حالا فتارة تمتنع الواو ويجب ربطها بصاحب الحال بضمير يرجع منها إليه، ومن أمثلة ذلك قول اللّه تعالى:

{وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ} وقوله جل شأنه {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ} وقوله جلت كلمته {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}.

ومن ذلك قول الشاعر:

وقد علوت قتود الرّحل يسفعني ... يوم قديديمة الجوزاء مسموم

وقوله الآخر:

ولقد أغتدي يدافع ركني ... أحوذيّ ذو ميعة إضريح

=