هذا باب حروف الجر
  ولها ثلاثة شروط: أن يسبقها نفي، أو نهي، أو استفهام(١) ... .
= الموضع الخامس: تزاد قبل المفعول به، نحو قولك: (هل اتخذت من سبب لتفعل ما فعلت)، وقال اللّه تعالى: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ}، فأحد: مفعول به لتحس، وقد زيدت قبله من، وقبلها هل الاستفهامية.
الموضع السادس: تزاد قبل المفعول الأول من مفعولي ظن وأخواتها، نحو قولك:
(ما ظننت من أحد يذهب إلى مثل ما ذهبت إليه).
الموضع السابع: تزاد قبل المفعول الأول من مفعولات أعلم وأخواتها، نحو قولك:
(ما أعلمت من أحد أنك مسافر).
الموضع الثامن: تزاد قبل المفعول الأول من مفعولي أعطى، نحو قولك: (ما أعطيت من أحد مثل ما أعطيتك).
الموضع التاسع: تزاد قبل المفعول الثاني من مفعولي أعطى، نحو: (ما منحت أحدا من دينار).
وكل هذه المواضع يصدق عليها أنها فاعل أو مفعول أو مبتدأ.
(١) ذهب الكوفيون إلى أنه لا يشترط في مجرور (من) الزائدة إلا شرط واحد، وهو أن يكون مجرورها فاعلا أو مفعولا أو مبتدأ، ولا يشترط أن يتقدم عليها نفي أو استفهام أو نهي. واستدلوا على ذلك بورودها زائدة في الكلام الموجب الذي لم يتقدمه نفي ولا نهي ولا استفهام في كلام العرب، من ذلك قولهم: (قد كان من مطر) وقولهم: (قد كان من حديث فخل عني) ووجه الدلالة من هاتين العبارتين أن (كان) فيهما تامة، فهي محتاجة إلى فاعل، و (من) فيهما زائدة، و (مطر) في العبارة الأولى فاعل، و (حديث) في العبارة الثانية فاعل أيضا، وكل منهما مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
وقد أجاب العلماء عن هذا الاستدلال بأنه لا يتعين في واحدة من العبارتين أن يكون فاعل كان هو الاسم الذي دخلت عليه من لجواز أن يكون الفاعل في كل منهما ضميرا مستترا تقديره هو يعود إلى اسم فاعل كان، وكأن قائل (قد كان من مطر) قد قال: قد كان هو - أي الكائن - من مطر، وكأن قائل (قد كان من حديث) قد قال: قد كان هو - أي الكائن - من حديث، ولئن سلمنا أن الاسم الذي دخلت عليه من هو الفاعل فلا نسلم أنه لم يتقدم عليه نفي أو استفهام بهل، بل ندعي أنه قد سبقه استفهام بهل، وندعي أن هذا الكلام واقع في جواب كلام وأنه وارد على سبيل حكاية ما تكلم به =