هذا باب حروف الجر
  ذِكْرٍ}(١)، أو مفعولا، نحو: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ}(٢)، أو مبتدأ، نحو: {هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}(٣).
  والخامس: معنى البدل، نحو: {أَ رَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ}(٤).
  والسادس: الظرفية، نحو: {ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ؟}(٥) {إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ}(٦).
  والسابع: التعليل، كقوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا}(٧)، وقال الفرزدق:
(١) سورة الأنبياء، الآية: ٢، فذكر في الآية الكريمة فاعل يأتيهم، وهو نكرة مسبوق بحرف النفي الذي هو ما، وقال بعض العلماء: إن زيادة من مع المنصوب أحسن من زيادتها مع المرفوع، وتوجيه ذلك أن زيادتها مع المنصوب واقعة في الموقع الذي اعتاد العرب استعمال حروف الجر فيه لأن حروف الجر إنما تدخل في الكلام لتعدية معاني الأفعال إلى الأسماء، والتعدية إنما تكون إلى المنصوب؛ فإذا زدتها مع المرفوع تكون قد زدتها في غير المحل الذي تعود العرب استعمالها فيه.
(٢) سورة مريم، الآية: ٩٨، ومن المفعول الذي تزاد معه من: المفعول المطلق، وقد خرج أبو البقاء على زيادتها مع المفعول المطلق قوله تعالى: {ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ} وقوله سبحانه: {وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ} فجعل (شيء) في الآية الأولى بمعنى تفريط، وفي الآية الثانية بمعنى ضرر.
(٣) سورة فاطر، الآية: ٣.
(٤) سورة التوبة، الآية: ٣٨، وأنكر قوم مجيء من للبدل، وقال: إن التقدير في الآية الكريمة: أرضيتم الحياة الدنيا بدلا من الآخرة، فالجار والمجرور - وهو (من الآخرة) متعلق بمحذوف حال من الحياة الدنيا، وتقدير الكلام: بدلا من الآخرة، وعلى هذا يكون المفيد للبدل هو متعلق من، لا من نفسها، وهذا تكلف كما لا يخفى عليك.
(٥) سورة فاطر، الآية: ٤٠.
(٦) سورة الجمعة، الآية: ٩.
والقول بأن (من) تفيد الظرفية زمانية أو مكانية هو قول الكوفيين، وقال البصريون: هي في الآيتين لبيان الجنس كما في قوله تعالى: {ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ}.
(٧) سورة نوح، الآية: ٢٥.